Tariq al-Hidayah: Principles and Introductions to the Science of Tawheed in Ahl al-Sunnah wal-Jama'ah
طريق الهداية مبادئ ومقدمات علم التوحيد عند أهل السنة والجماعة
प्रकाशक
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
संस्करण संख्या
الثانية ١٤٢٧هـ
प्रकाशन वर्ष
٢٠٠٦م
शैलियों
حادي عشر: أهل السنة أكرم الناس أخلاقا، موصوفون بالاستقامة في الهدي والسمت والسلوك الظاهر:
قال الله ﷿ مادحا نبيه ﷺ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: ٤]، وقال ﷺ:
"إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" ١، وقد ندبنا الله ﷿ إلى الاقتداء برسوله ﷺ، فقال تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢١] .
إن أهل السنة والجماعة هم حملة ميراث النبوة في جانبيها العلمي والعملي، ولا شك أن أبرز الجوانب العملية في الهدي النبوي هو الجانب الأخلاقي، ولذلك فإن أخلاق النبوة -من الرحمة، ومحبة الخير للناس، واحتمال أذاهم، والصبر على دعوتهم، هي المنبع الذي يستقي منه أهل السنة خصائصهم السلوكية والأخلاقية، والتي لا تقل أهمية في منظور الحق عن ميراث العلم والهدى الذي اختص به الله هذه الفرقة الناجية بفضله ورحمته.
قال شيخ الإسلام: "الرسول ﷺ بعثه الله تعالى هدى ورحمة للعالمين، فإنه كما أرسله بالعلم والهدى والبراهين العقلية والسمعية، فإنه أرسله بالإحسان إلى الناس، والرحمة لهم بلا عوض، وبالصبر على أذاهم واحتماله، فبعثه بالعلم والكرم والحلم، عليم هاد، كريم محسن، حليم صفوح ... فهو يعلم، ويهدي، ويصلح القلوب، ويدلها على صلاحها في الدنيا والآخرة بلا عوض. وهذا نعت الرسل كلهم ... وهذه سبيل من اتبعه ... وكذلك نعت أمته بقوله: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: ١١٠]، قال أبو هريرة: كنتم خير الناس للناس: تأتون بهم في السلاسل حتى تدخلوهم الجنة، فيجاهدون ويبذلون أنفسهم وأموالهم، لمنفعة الخلق وصلاحهم، وهم يكرهون ذلك
_________
١ أخرجه أحمد "٨٧٢٩"، والبخاري في الأدب المفرد "٢٧٣"، والتاريخ الكبير "٨٣٥"، والحاكم في المستدرك "١٣"، والبيهقي في السنن الكبرى "١٠/ ١٩١، ١٩٢"، من حديث أبي هريرة ﵁، وصححه الحاكم، وابن بد البر في التمهيد "٢٤/ ٣٣٣، ٣٣٤"، والألباني في صحيح الجامع "٢٣٤٩". قال فضل الله الجيلاني: "لا يكون دين من الأديان خاليا من مكارم الأخلاق، لكن لم تكن الأخلاق الكريمة مجموعة كلها في دين من الأديان السابقة حتى جمع الله في دين الإسلام كل ما كان من أخلاق حسنة في أي دين، فهذا معنى: $"أتمم مكارم الأخلاق".. أي: أبلغ نهايتها" باختصار من فضل الله الصمد شرح الأدب المفرد "١/ ٢٧١".
1 / 79