واشفقت النفوس من هبيته في حياة سيده (1)، لما عرف من نجابته وصرامته ، وسداد طريقته ، فكان هو المتولي لجميع شؤون سيده فلما مات سد مسده ، وذب عن ملك مواليه ووازى الصبي ، واخته ، وملك آل زياد يومئذ متضعضع الأركان ضعيف السلطان تنتاشه سباع الأطماع ، وتمزقه أيدي المتغلبين في جميع البقاع فقام الحسين بن سلامة ، وابدى من المهارة في علاج الدولة ، ما يعجز عنه كبار الرجال ، رغما على سواد لونه ويد النخاس التي عركت اذنه :
قد يدرك الشرف الفتى ولباسه
خلى وجيب قميصه مرقوع
غزا المتغلبين من ولاة الأطراف ، ونازل أرباب الحصون ، حتى أتوه طائعين ، وحملوا إليه الأتاوة مذعنين ، وأعاد دولة آل زياد سيرتها الأولى ، قال الخزرجي : ولم تبق دولة في اليمن ولا حصن إلا استولى عليه واستناب فيه من يرضاه (2).
وفي كلام الخزرجي تجوز ، أو مجازفة على الأصح ، والأرجح ما ذكره الديبع في كتابه بغية المستفيد في أخبار مدينة زبيد عند ذكر الحسين بن سلامة قال : (وكانت دولتهم قد تضعضعت أطرافها وغلب ملوك الجبال على الحصون والمخاليف فحاربهم الحسين حتى رجع إليه غالب مملكة ابن زياد الأولى» (3).
ولم يزل الحسين بن سلامة في الملك بالنيابة عن الطفل إلى أن توفى سنة 402 وقيل ثلاث واربعمائة.
وكان رحمه الله عادلا كريما ، حسن السيرة طيب السريرة ، كثير
पृष्ठ 63