44

इस्लामी यमन का इतिहास

शैलियों

قد وهبت لكم أموركم فاتقوا الله في سركم وعلانيتكم).

وكأنه أراد أن يعلمهم درسا بليغا في التسامح والعفو والإغضاء فأتى بأعجب ما عرف في تاريخ الفاتحين ، وأجل ما سطر في باب العدل والتسامح والعفو عند المقدرة ، وكظم الغيظ ، وعدم اللجاج في الإنتقام ، وقديما قيل «من انتقم فقد شفى غيظ نفسه وأخذ أقصى حقه ، ومن أخذ حقه وشفى غيظه لم يجب شكره ، ولم يذكر في العالمين فضله» ، ولم نر أهل النهي والمنسوبين إلى الحجى والتقى مدحوا الحكام بشدة العقاب ، وقد ذكروهم بحسن الصفح وبكثرة الاغتفار وشدة التغافل :

أخذ التاريخ مما تركوا

عملا أحسن أو قولا أصابا

ثم فيه أكبر برهان على حب الإمام للوئام والسلام مع قوة نفس ، وشدة بأس وشجاعة ، وكرم أخلاق نادرة المثال تحلت بها شخصيته الفذة حيث عامل أعداءه ، بهذه المعاملة ، في أشد الأوقات حرجا وضيقا ، ولو كانوا مع غيره لما كان حظهم منه غير السيف ، وقد أشار بذلك محمد بن الدعام ، وأبو العتاهية كما نقله صاحب السيرة ، فلم يقبل الإمام ذلك منهم :

يفر جبان القوم عن أم رأسه

ويحمي شجاع القوم من لا يناسبه

وهكذا كان السلف الصالح رضوان الله عليهم ، وقافون عند الشبهات ، ولو لا صرامته في الحق ورغبته الشديدة في اتباع أثر السلف لكان له مندوحة في معاقبتهم والتشديد عليهم.

ثم إن أهل شبام تجمعوا ، وهموا بالإمام قبل أن يقوم من مقامه ، ولما عرف ذلك منهم ، رجع عليهم ومعه ابو العتاهية ، فكانت معركة قتل فيها جماعة منهم ، وقتل الإمام أكثرهم ، وانقطع من الجمال ، التي كان عليها

पृष्ठ 100