समृद्धि का युग: अरब राष्ट्र का इतिहास (भाग पांच)
عصر الازدهار: تاريخ الأمة العربية (الجزء الخامس)
शैलियों
كان المأمون في أول عهده بعيدا عن العاصمة فلم يهتم بشئون الدولة الخارجية وخصوصا بالروم، ولكنه بعد أن عاد إلى بغداد عزم على أن يجدد سياسة ابنه في غزوهم، فتوجه في سنة 205ه لقتالهم واستخلف على العاصمة إسحاق بن إبراهيم بن صعب، فسار إلى الموصل فمنبج فأنطاكية فطرطوس، وهي الثغر الإسلامي القوي، وهناك عبأ قواه وسار إلى بلاد الروم ففتح حصن قرة وأمر بهدمه، ثم اشترى الأسرى المسلمين وأعتقهم، وأعطى كلا منهم دينارا، ثم بعث قواده لفتح حصون «سندس» و«سنان»، ثم قفل راجعا إلى بلاد الشام ومصر، وبينما هو في مصر علم أن تيوفيل بن ميخائيل ملك الروم قد هجم على «طرطوس» و«المصيصة» وأثخن في القتل (انظر تاريخ ابن خلدون، 3: 256) فرجع المأمون إلى بلاد الروم وقاتلهم وأخضع ملكهم وأخضع مدينة هرقلة، وافتتح عددا من الحصون وهدم القلاع والمطامير (تاريخ اليعقوبي، 3: 192؛ وتاريخ الطبري، 10: 281)، وطلب إليه تيوفيل الصلح، وأن يعيد إليه الحصون والقلاع على أن يعطيه مائة ألف دينار والأسرى المسلمين الذين كان عددهم سبعة آلاف، فلم يجبه المأمون على طلبه عازما على استمرار حربه (تاريخ اليعقوبي، 3: 192).
وفي سنة 217ه جدد المأمون غزو بلاد تيوفيل ثالث مرة فحاصر «حصن لؤلؤة» أكثر من ثلاثة أشهر، ثم رحل عنها وخلف عليها قائده عجيفا فاختدعه الروم وأسروه، وكتب تيوفيل إلى المأمون كتابا يقول فيه: «أما بعد؛ فإن اجتماع المختلفين أولى بهما في الرأي مما عاد بالضرر عليهما، ولست حريا أن تدع لحظ يصل إلى غيرك حظا تحوزه إلى نفسك، وفي علمك كاف عن إخبارك، وقد كنت كتبت إليك داعيا إلى المسالمة، راغبا في فضيلة المهادنة؛ لنضع أوزار الحرب عنا، ويكون كل واحد لكل واحد وليا وحزبا ، مع إنضال المرافق والفسح في المتاجر وفك المستأسر وأمن الطرق والبيضة، فإن أبيت فإني لخائض إليك غمارها، آخذ عليك أسدادها، شان عليك خيلها ورجلها.» فأجابه المأمون بكتاب يقول فيه: «بلغني كتابك فيما سألت من الهدنة، ودعوت إليه من الموادعة، وخلطت فيه من اللين والشدة، مما استعطفت به من فسح المتاجر واتصال المرافق وفك الأسارى ورفع القتل والقتال، فلولا ما رجعت إليه من إعمال التؤدة والأخذ بالحظ في تقليب الفكرة، وأن لا أعتقد الرأي في مستقبله إلا في إصلاح ما أوثره في مغبته، لجعلت جوابك خيلا تحمل من أهل البأس والنجدة والبصيرة ينازعونكم عن ثكلكم، ويتقربون إلى الله بدمائكم، غير أني أتقدم إليك بالموعظة التي يثبت الله بها عليك الحجة من الدعاء لك ولمن معك إلى الوحدانية والشريعة الحنيفية، فإن أبيت ففدية توجب ذمة وتثبت نظرة، وإن تركت ذلك ففي يقين المعاينة لقوتنا ما يغني عن الإبلاغ والقول والإغراق في الصفة.»
1
ثم شرع المأمون في التفكير لفتح بلاد الروم، وفي أول سنة 218ه حصن مدينة «الطونة» وجعل سورها على ثلاثة فراسخ، وأخذ يخزن القوت ويجمع القواد في العواصم والثغور من العراق والشام ومصر وخراسان وبلاد العرب استعدادا لحرب طويلة؛ يقول اليعقوبي: «استعد لحصار عمورية، وقال أوجه إلى العرب فآتي بهم من البوادي، ثم أنزلهم كل مدينة مفتوحة حتى أخرب القسطنطينية»، فلما بلغ إمبراطور الروم ذلك طلب مهادنة بينهما فرفض المأمون، وقصد بلاد الروم ونزل طرسوس يستعد لحملة الحرب الكبرى، ولكن أجله وافاه فجأة رحمه الله. (5) الأحوال الإدارية (5-1) الوزارة
يقسم الفقهاء المسلمون وأصحاب كتب الأحكام السلطانية والإدارة الوزارة إلى قسمين؛ «وزارة تنفيذ» و«وزارة تفويض»، أما «وزارة التنفيذ» هي التي يكون فيها الوزير منفذا لأوامر الخليفة وحسب، فليس له التصرف بشئون الدولة من تلقاء نفسه؛ أي إنه لم يكن إلا وسيطا بين الخليفة والناس، وهكذا كان الوزير في عهد العباسيين الأول إلى عهد الهادي، أما بعد ذلك فقد انقلب الأمر إلى «وزارة تفويض» وهي التي يعهد الخليفة فيها إلى رجل يفوض إليه أمور دولته والتصرف بأموالها دون الرجوع إليه، وقد أورد الماوردي في كتابه القيم «الأحكام السلطانية» بحثا استوفى فيه أحوال الوزارتين، نلخصه فيما يلي:
وزارة التفويض
أن يستوزر الإمام من يفوض إليه تدبير الأمور برأيه وإمضائها على اجتهاده، وليس يمتنع جواز هذه الوزارة، فقد قال تعالى حكاية عن موسى:
واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري ، فإذا جاء ذلك في النبوة كان في الوزارة أجوز، وقد عدد الماوردي الشروط التي يجب أن تتوفر فيمن يقلدها، ويعتبر في تقليد هذه الوزارة شروط الإمامة
2
إلا النسب وحده؛ لأنه ممضي الآراء منفذ الاجتهاد، فاقتضى أن يكون على صفات المجتهدين، ويحتاج فيها إلى شرط زائد وهو أن يكون من أهل الكفاية فيما وكل إليه من أمري الحرب والخراج، خبرة بهما ومعرفة بتفصيلهما، فإنه مباشر لهما ومستنيب فيهما، حكي أن المأمون رضي الله عنه كتب في اختبار وزير: «إني التمست لأموري رجلا جامعا لخصال الخير ذا عفة في أخلاقه واستقامة في طرائقه، قد هذبته الآداب وأحكمته التجارب، إن ائتمن على الأسرار قام بها، وإن قلد مهمات الأمور نهض فيها، يسكته الحلم وينطقه العلم، وتكفيه اللحظة وتضنيه اللمحة، له صولة الأمراء، وأناة الحكماء وتواضع العلماء وفهم الفقهاء، إن أحسن إليه شكر، وإن ابتلي بالإساءة صبر، لا يبيع نصيب يومه بحرمان غده، يسترق قلوب الرجال بخلابة لسانه وحسن بيانه.» وقد جمع بعض الشعراء هذه الشروط فأوجزها، ووصف بعض الوزراء الدولة العباسية فقال:
अज्ञात पृष्ठ