पतन का युग: अरब राष्ट्र का इतिहास (भाग छह)
عصر الانحلال: تاريخ الأمة العربية (الجزء السادس)
शैलियों
وسقوطها
الكتاب الأول
عصر الانحلال من سنة 232ه إلى سنة 320ه.
عرض موجز لشئون الخلافة وأحوال الخلفاء من عهد المتوكل إلى نهاية عهد المقتدر.
الفصل الأول
في عصر الانحلال الأول، وعرض شئون
الخلافة
يعتبر عهد المتوكل على الله جعفر بن المعتصم (232-247ه/847-861م) بداية دور الانحلال في الدولة العباسية؛ فقد كان ضعيف الإرادة، محدود الفكر، يكره البحث والمناظرة، ويميل إلى التقليد والتسييب، وحب اللعب واللهو، والحياة اللينة والمضاحك، هذا إلى ما كان عليه من سذاجة وتسييب لأمور الدولة، والاعتماد في إدارتها على كبار القادة الأتراك، الذين قوي سلطانهم في عهده، وامتد نفوذهم إلى كل مرافق الدولة، حتى بلغ بهم أن تآمروا عليه مع ولي عهده محمد المنتصر، فقتلوه شر قتلة، وقد تولى كبر ذلك بغا الصغير المعروف بالشرابي ووصيف وباغر ففتكوا به، وولوا ابنه محمدا المنتصر صبيحة مقتل أبيه، وقد أراد الخليفة الجديد أن يحافظ على عرشه، ولكن جهوده ذهبت سدى، ولم يطل عهده أكثر من ستة أشهر، سمه المتغلبون الأتراك بعدها، ثم أجمع أمر قادتهم على ألا يولوا أحدا من أولاد المتوكل لئلا يطالبهم بدم أبيه، فولوا المستعين أحمد بن المعتصم (سنة 248)، ثم لم يلبث الأتراك أن استولوا على أمر المستعين كله وتولى وزارته أتامش أحد القواد، فكان هو صاحب الحل والعقد، حتى إذا حكم أربع سنوات، مل القواد حكمه، واضطروه على أن يخلع نفسه ثم قتلوه سنة 252، وولوا بعده المعتز بالله محمد بن المتوكل، وكان عاقلا حازما، أراد أن يستعيد للسلطان أبهته، فلم يمكنه القادة الأتراك، ومن أطرف ما يروى في هذا المقام ما حكاه ابن طباطبا في الفخري قال: «لم يكن بسيرته ورأيه وعقله بأس، إلا أن الأتراك كانوا قد استولوا منذ قتل المتوكل على المملكة، واستضعفوا الخلفاء؛ فكان الخليفة في يدهم كالأسير، إن شاءوا أبقوه، وإن شاءوا خلعوه، وإن شاءوا قتلوه. ولما جلس المعتز على سرير الخلافة، قعد خواصه وأحضروا المنجمين وقالوا لهم: انظروا كم يعيش وكم يبقى في الخلافة؟ وكان بالمجلس بعض الظرفاء، فقال: أنا أعرف من هؤلاء بمقدار عمره وخلافته. فقالوا له: فكم تقول إنه يعيش وكم يملك؟ قال: مهما أراد الأتراك. فلم يبق في المجلس إلا من ضحك.»
وقد حاول المعتز بالله أن يتخذ حرسا من عنصر جديد غير الأتراك، لعلهم يقفون في وجههم، فاتخذ حرسا من المغاربة، وأمر بإسقاط اسمي وصيف وبغا من قوائم القادة، وكتب بذلك إلى الأقاليم، ولكنهم استطاعوا أن يتغلبوا عليه وتآمروا مع الجنود المغاربة على خلعه، فدخلوا عليه باب حجرته وهو مريض، قد أخذ الدواء، فجروه برجله ثم خرقوا جسم المريض بالدبابيس وأقاموه في الشمس حتى مات عطشا بسر من رأى 255ه/869م، ثم ولوا بعده المهتدي بالله محمد بن الواثق، وكان متدينا ناهجا على منهج الخلفاء الراشدين، ورووا عنه أنه قال (كما في تاريخي النبراس، والفخري): إني أستحيي من الله ألا يكون في بني العباس مثل عمر بن عبد العزيز في بني أمية، وقد أراد أن يسير بالناس سيرة حسنة، ويعيد للخلافة مجدها، ويقضي على نفوذ الأتراك، فأمر بقتل زعيمهم «بايكباك» التركي فلما قتل هاجت الأتراك، ووقعت الحرب بينهم وبين المغاربة، وقتل من الفريقين عدد كبير، واشتدت الفتنة حتى خرج المهتدي فيها والمصحف في عنقه، وهو يدعو الناس إلى نصرته والقضاء على الأتراك المتغلبين، وقد أبلى الجنود المغاربة والفراغنة في ذلك بلاء حسنا، ولكن القائد «طببغا» أخا «بايكباك» استطاع أن يتغلب عليهم، وانهزم الخليفة والسيف في يده وجراحه تسيل دما، فلحق به بعض الأتراك وقتلوه شر قتلة وولوا مكانه المعتمد بن المتوكل سنة 256 وكان ضعيفا.
وفي تلك الأيام طمع أصحاب المطامع بالاستقلال بالأقاليم لما رأوا ما في العاصمة من الفوضى والاضطراب، فقويت في نفوسهم فكرة القيام بالثورات؛ ففي سنة 249 ثار عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي في الكوفة، واجتمعت إليه الزيدية ودعا إلى «الرضا من آل محمد». وفي سنة 250 ثار الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن علي في طبرستان ، فتملكها، كما تملك جرجان إلى سنة 270، ثم قام أخوه محمد بن زيد من بعده فضم إليه مملكة الديلم أيضا، وبقي يحكمها إلى أن قضى عليه السامانيون سنة 287. وفي سنة 255 كانت ثورة صاحب الزنج التي أقلقت بال الخليفة، وقلقلت أركان الدولة وكاد الثوار أن يفوزوا على جيش الخليفة، ولكن أخا الخليفة الموفق طلحة استطاع سنة 270ه/883م أن يقضي على تلك الثورة التي دامت أكثر من أربع عشرة سنة، وتركت وراءها ويلات وآثارا مخيفة من التدمير والفساد.
अज्ञात पृष्ठ