पतन का युग: अरब राष्ट्र का इतिहास (भाग छह)
عصر الانحلال: تاريخ الأمة العربية (الجزء السادس)
शैलियों
بل إن ملكشاه صمم على طرد هذا الخليفة نفسه من بغداد سنة 485ه لأنه رأى منه ميلا إلى التدخل في أمور الدخل، فبعث إليه من يقول له: «لا بد أن تترك لي بغداد، وتذهب إلى أي بلد شئت، فانزعج الخليفة وقال: أمهلني ولو شهرا. فقال: ولا ساعة واحدة. فأرسل الخليفة إلى وزير السلطان يطلب المهلة إلى عشرة أيام، فاتفق أن مرض السلطان ومات، وعد ذلك كرامة للخليفة.»
5 (5)
كان انحلال الدولة السلجوقية مؤذنا بسقوط الخلافة العباسية؛ لأن ضعف السلاطين، جعل الدولة العباسية مطمعا للأجانب من شرقيين وغربيين، فاستطاع الصليبيون أن يسيطروا على الشام، ويوطدوا أقدامهم فيه، واستطاع التركستانيون (الخطا) أن يسيطروا على الممالك الإسلامية في بلاد ما وراء النهر، وقد حسب الخلفاء أن زوال سلطة السلاجقة يعيد إليهم سلطانهم، فلما زالوا لم تعد سلطتهم وتسلط عليهم الخوارزميون الذين ورثوا أملاك السلاجقة في المشرق، ولا شك في أن الناصر العباسي قد أخطأ خطأ كبيرا حينما استنجد بخوارزمشاه تكش للقضاء على عدوه طغرل بك السلجوقي، ووقع الخلفاء من جديد تحت سلطان الخوارزمية، فعاد الخصام والتنافس من جديد بين الخلفاء والخوارزمية، ولم ينته ذلك التنافس إلا بهلاك الطرفين على يد التتر. (6)
كان من نتائج ضعف الخلافة والسلطنة أن قويت جهود الإسماعيلية والباطنية عموما في فرض سلطانهم والعمل على تقويض أركان الخلافة العباسية، ولقد لعب الخلفاء الفاطميون في مصر دورا كبيرا في نشر الإسماعيلية، كما سنرى ذلك، وقد كان هذا أحد الأسباب التي أدت إلى سقوط الدولة. (7)
كان من نتائج ضعف الخلافة والسلطنة أن تقوى الصليبيون وسيطروا على بلاد الشام وعلى جزء من بلاد مصر، ووطدوا أقدامهم في تلك البلاد حتى مكن الله لصلاح الدين الأيوبي أن يقضي عليهم ويقضي على الفاطميين ويعيد للخلافة الإسلامية بعض هيبتها. (8)
كان من نتائج انخذال العرب وبعدهم عن الدولة، وانحلال العصبية العربية، وسيطرة الأعاجم أن سارت في طريق السقوط. يقول ابن خلدون (في المقدمة، ص183): «وهذا ما وقع لبني العباس؛ فإن عصبية العرب كانت فسدت بعد دولة المعتصم وابنه الواثق، واستظهارهم بعد ذلك، إنما كان بالموالي من العجم والترك والديلم والسلجوقية وغيرهم، ثم تغلب العجم الأولياء على النواحي وتقلص ظل الدولة، فلم تكن تعدو أعمال بغداد، حتى زحف إليها الديلم وملكوها، ثم صار حكمهم ثم انقرض أمرهم، وزحف أخيرا التتر، فقتلوا الخليفة ومحوا اسم الدولة.» وهذه نظرة صادقة؛ فإن تخلي الخلفاء عن عصبيتهم واعتمادهم على هؤلاء الدخلاء، قد أفسد دولتهم ثم قضى عليها. وإذا قارنا هذا الوضع المخزي للعرب يوم سقوط بغداد بالوضع الذي كانوا عليه حينما سار الرسول
صلى الله عليه وسلم
وخلفاؤه من راشدين وأمويين إلى غزو العالم وفتحه، تبينا أي ذل حاق بهم، وأي سقوط خلقي واجتماعي وصلوا إليه،
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، وصدق الله فإن الأرض لله يرثها عباده الصالحون. (9)
كان لجهل المستعصم وسوء إدارته وتقريبه الجهال والفسقة أثر فعال في سقوط الدولة، وقد وصف لنا صاحب الفخري أحوال سقوط بغداد، وتحذير ابن العلقمي للمستعصم من الاستمرار في غيه، فقال: «كان المستعصم رجلا خيرا متدينا، لين الجانب لين العريكة عفيف اللسان ... إلا أنه كان مستضعف الرأي، ضعيف البطش، قليل الخبرة بأمور المملكة، مطموعا فيه، غير مهيب في النفوس، ولا مطلع على حقائق الأمور، وكان زمانه ينقضي أكثره بسماع الأغاني والتفرج على المساخر، وبعض الأوقات يجلس بخزانة الكتب جلوسا ليس فيه كبير فائدة، وكان أصحابه مستولية عليه، وكلهم جهال من أرذال القوم إلا وزيره مؤيد الدين محمد بن العلقمي فإنه كان من أعيان الناس وعقلاء الرجال، وكان مكتوف اليد مردود القول يترقب العزل صباح مساء ... وفي أواخر أيامه، قويت الأراجيف بوصول عسكر المغول صحبة هولاكو فلم يحرك منه عزما، ولم ينبه منه همة، ولا أحدث عنده هما، وكان كلما سمع عن السلطان من الاحتياط والاستعداد شيء، ظهر من الخليفة نقيضه من التفريط والإهمال، ولم يكن يتصور حقيقة الحال في ذلك، ولا يعرف هذه الدولة.» فإذا كان هذا وضع الخليفة ورجاله، فالسقوط أمر طبيعي جدا ومفهوم. (10)
अज्ञात पृष्ठ