उम्मा का युगोद्गम: अरब राष्ट्र का इतिहास (भाग एक)
عصر الانبثاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الأول)
शैलियों
وقد أقر الإسلام بعض تقاليد الجاهلية التي تمت إلى العصبية القبلية بسبب، فمن ذلك أنه أبقى لولي القتيل حقه في طلب دم صاحبه؛ قال تعالى:
ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا (سورة الإسراء: آية 33)، ولا يشترط في هذا الولي أن يكون ابن القتيل أو أخاه أو من ذوي قرباه، بل ربما كان شيخ القبيلة، أو رئيس العشيرة، ومن ذلك حق «العقل»، وهو توزيع دية القتيل على القبيلة بسبب الصلح أو القضاء، كما أن مستحقي حق العقل هم الذين يجب عليهم الدفع فيما لو انعكست الآية، ومن ذلك بعض حقوق الميراث وحقوق أولي الأرحام واليتامى والمساكين في الأسرة، وقد كانت للعصبية القبلية درجات يتلو بعضها بعضا، فأولها العصبية للأسرة، ثم العصبية للقبيلة، ثم العصبية للأحلاف؛ أما العصبية للأسرة: فقد رأينا بعض أحوالها فيما سبق، وأما العصبية للقبيلة فتتجلى في أن أفراد القبيلة الواحدة تتضامن أمام القبائل الأخرى في الحروب أو المصالح المشتركة، وتتعاون في المغانم والمغارم، وأما العصبية للأحلاف: فهي أن يتعصب الفرد لأحلاف قبيلته، فيحارب معهم ويتعاون وإياهم ويتحمل تبعة أعمالهم، ومن أمثلة ذلك ما يروى من أن بعض يهود المدينة كانوا أحلافا للأوس وبعضهم كان أحلافا للخزرج، وكان كل فريق ينصر حليفه، وقد استمر هذا إلى ما بعد الإسلام، وإليه الإشارة في الآية:
لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء (سورة آل عمران: آية 28)، وتحالف اليهود مع قريش ضد النبي فكونوا حزبا واحدا مقابل الجبهة الإسلامية.
وقد كان لهذه الأحلاف والأحزاب طرق متبعة في عقدها وفي فسخها، ومما يلحق بالعصبية القبلية عصبيات أخرى يمكننا إجمالها فيما يلي: عصبية الولاء، وعصبية الجوار، وعصبية الأجيال، أما عصبية الولاء: فهي أن يلحق فرد أو بطن أو فخذ أو قبيلة بقبيلة أخرى فيكونون مواليهم، ويقطعون صلاتهم بقبيلتهم السابقة ، وليس هذا الولاء كولاء الرق والعبودية، ولكنه ولاء الاستنصار والاعتزاز والتقوى، وقد كان لهؤلاء الموالي كافة الحقوق التي للقبيلة، وأما عصبية الجوار: فهي أن يلتحق فرد أو بطن ضعيف بآخر قوي، ويستجير به، ويطلب حمايته، ودفع الظلم عنه، فإذا قبل المستجار ذلك أعلنه في المواسم على الأشهاد، وأصبح المستجير في حمى المجير كأنه فرد من أفراد عشيرته، ويظل حق الجوار محفوظا إلى أن يتخلى المستجير عنه على الملأ، وأما عصبية الأجيال: فهي التعصب للتقاليد والموروثات التي وصلت إلى الأخلاف عن الأسلاف من أمور الدين والدنيا وتقاليدها، وقد تجلى هذا واضحا في عزوف كثير من عرب الجاهلية عن الدعوة الإسلامية لبعض التقاليد الموروثة لا غير، ولما قوي أمر الإسلام ودخل العرب في دين الله، وجاء نصر الله والفتح؛ أبقى الرسول جزءا من هذه التقاليد التي كان يتعصب لها العرب؛ لتغلغلها في النفوس من جهة، وعدم معارضتها للمبادئ الإسلامية الرئيسية كبعض تقاليد الحج من رمي الجمار والطواف بين الصفا والمروة واستلام الحجر الأسود وتقبيله والوقوف بعرفة، وذبح الضحايا والقرابين وتحريم لبس المخيط وتحريم الصيد، ومن تقاليد الأجيال التي نص عليها الإسلام؛ حرمة الأشهر الحرم، والإبقاء على الرضيعة، والتسري بالإماء بدون تحديد، والزواج بأربعة نساء.
ومما حرمته من تقاليد الأجيال: الزواج بامرأة الأب، والجمع بين الأختين، والزنا، والسفاح، والمخادنة، وطواف العاري حول الكعبة، والذبح على الأنصاب والأزلام، واعتزال النساء في المحيض، ودخول الرجال إلى بيوت النساء بدون إذنهن، والتبرج وكشف الزينة لغير المحارم، والتبني.
أحوال الأسرة
كان الرجل هو القائم بأمر الأسرة، وصاحب المنزلة الممتازة فيها، والمسئول عن أسباب الحياة والمعيشة والحماية لها، وهو الذي يعول الأهل والمحارم، وهو المسئول عن حفظ كيان الأسرة، أما المرأة فهي ثانوية المكانة عليها القيام بخدمة البيت وربه وأولاده، ولم تكن حالتها حسنة ولا حقوقها مصانة إلا قليلا، وكانت مغبونة في المواريث والحقوق والمكانة، قال تعالى:
وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء (سورة الأنعام: 139)، وقال:
وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم * يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون (سورة النحل: 58-59)، وفي القرآن والشعر الجاهلي شواهد تبرهن عن سوء حالة المرأة، وعلى وأد البنات، وحرمانهن حقوقهن في الحياة والمال والمكانة، على أن هذا لا يمنع من بروز بعض النوابغ منهن ممن أوتين بسطة في العقل والجسم؛ ففرضن احترامهن على الرجال ولمع اسمهن في البيئة العربية من الحكيمات والشواعر والنبيلات.
وهناك أمور تتعلق بأحوال الأسرة في العصر الجاهلي، نجملها في النقاط التالية: (1)
अज्ञात पृष्ठ