तारीख तमद्दुन इस्लामी
تاريخ التمدن الإسلامي (الجزء الأول)
शैलियों
ثم دخل المسلمون مكة وفتحوها، وسار النبي توا إلى الكعبة فكسر الأصنام التي كانت في المسجد حولها وفي جوفها، ونزع ما كان على جدرانها من صور الملائكة وغيرها، وكان ذلك آخر عهد مكة بالوثنية، وتحولت الكعبة من ذلك الحين إلى مسجد يعبد فيه الله، وأسلم أهل مكة كافة وفيهم أبو سفيان وأولاده، وفي جملتهم معاوية
2
بن أبي سفيان مؤسس دولة بني أمية. (3-2) المؤلفة قلوبهم وغزو الطائف
وسمى النبي أشراف مكة الذين أسلموا بعد الفتح «المؤلفة» أو «المؤلفة قلوبهم»، إشارة إلى تأليف قلوبهم لتتألف بهم قلوب أقوامهم، تعزيزا للإسلام، وفي السيرة الحلبية أن من المؤلفة قلوبهم من تألفهم النبي ليسلموا مثل صفوان بن أمية، ومن تألفهم لدفع شرهم، وكان يتألفهم جميعا بالعطاء فيميزهم به عن سائر الصحابة كما سترى، وفي ذلك من حسن السياسة والحلم وسعة الصدر ما فيه.
وبعد فتح مكة بعث النبي سراياه إلى ما حولها يدعو الناس إلى الإسلام، ثم غزا حنينا والطائف، وشتان بن مجيئه إلى الطائف الآن ومجيئه في أول دعوته، لقد جاءهم يومئذ مستنصرا وجاءهم الآن فاتحا، فغلبهم وغنم غنائم بلغ مقدارها 24000 من الإبل و40000 من الغنم و4000 أوقية من الفضة، فلما عمد إلى تفريقها في أصحابه بدأ بالمؤلفة قلوبهم فأعطى أبا سفيان مائة بعير وأعطى ابنه معاوية مائة بعير وابنه يزيد مائة بعير وأعطاهم الفضة، فكان جملة ما أخذه أبو سفيان وأولاده ثلاثمائة بعير ومائة وعشرين أوقية من الفضة، فقال أبو سفيان «بأبي أنت وأمي يا رسول الله لأنت كريم في الحرب وفي السلم». (3-3) عتب المهاجرين والأنصار
وفعل النبي نحو ذلك في سائر الأشراف مثل الحارث بن هشام أخي أبي جهل المشهور وصفوان بن أمية وغيرهما، فشق ذلك على المهاجرين والأنصار وهم دعامة الإسلام وأهل السابقة، فكيف يتركون وتفرق الغنائم في من لم يسلموا إلا مكرهين بعد أن غلبوا على مدينتهم؟ فتشاكى الصحابة في ما بينهم وقالوا «كيف يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا لا تزال تقطر من دمائهم؟» فبلغ ذلك النبي فجمعهم وسألهم فاعترفوا له بما قالوا فصوب قولهم ولكنه قال لهم «إني لأعطي رجالا حديثي عهد بالكفر أتألفهم ليحسن إسلامهم ويسلم غيرهم تبعا لهم، وأما أنتم فوكلتكم إلى إسلامكم الثابت الذي لا يتزلزل، ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعوا أنتم برسول الله إلى رحالكم؟ ...» وقال مثل ذلك للمهاجرين فارتضوا.
ثم عادوا إلى المدينة في نحو السنة التاسعة للهجرة وقد اعتز جانبهم وذاع أمر سلطانهم في كل جزيرة العرب ، فجعل الناس يفدون على المدينة يدخلون في الإسلام. (3-4) محاولة فتح الشام
فلما اعتز المسلمون ودانت لهم جزيرة العرب كلها تقريبا، عادوا إلى توسيع دائرة الفتح، فأمر النبي سنة 9ه بالتجهز لإعادة الكرة على الروم، فجهزوا جندا عدده ثلاثون ألفا فيهم عشرة آلاف فارس، وتلك أكبر حملة استطاعها المسلمون إلى ذلك الحين بذلوا فيها كل ما في وسعهم من المال والرجال، ولكنهم لقوا في الطريق شدة عظيمة من العطش، فنزلوا قرية بين المدينة والشام اسمها تبوك وهم يظنون الروم يجتمعون إليها ومعهم عرب لخم وجذام، فجاءهم صاحب أيلة «وهي مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام في رأس خليج العقبة» فصالحهم على الجزية، وفي أثناء هذه الحملة سطا خالد بن الوليد على صاحب دومة الجندل بين المدينة ودمشق، على سبع مراحل من هذه وهو عربي نصراني من كندة، فأخذه خالد وقتل أخاه وأخذ منه قباء من ديباج مخوصا بالذهب وأرسله إلى المسلمين، فلما رأوه تعجبوا منه لأنه أول عهدهم بمثل هذه الملابس، ثم عادوا إلى المدينة ولم يفتحوا شيئا من بلاد الروم.
وفي السنة الحادية عشرة للهجرة توفي صاحب الشريعة الإسلامية، والإسلام لا يزال حديثا، فسعى الذين حط الإسلام من نفوذهم أو وقف في سبيل أغراضهم فارتدت معظم قبائل العرب عنه، إلا أهل المدينة ومكة والطائف، وأصبح الإسلام في خطر شديد، لو لم يتداركه أبو بكر.
الخلفاء الراشدون
अज्ञात पृष्ठ