163

तारीख कुदात

تاريخ قضاة الأندلس (المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا)

अन्वेषक

لجنة إحياء التراث العربي في دار الآفاق الجديدة

प्रकाशक

دار الآفاق الجديدة - بيروت/لبنان

संस्करण संख्या

الخامسة، 1403هـ -1983م

ودسائس أنفس، وضروب غرور، لا كنا، كما شاء الله، في مقام الاقتداء لطف الله بنا أجمعين بفضله {فعاد عند ذلك الوزير المرسل للخدمة الموصوفة إلى الأمير أبي يحيى، وأعلمه بالقصة؛ فأقام يسيرا، وقام من مجلسه، وأرسل إلى القاضي من ناب عنه في شكره، وشكر أصحابه، ولم يعد إلى مثل ذلك العمل بعد. وصار في كل ليلة يأمر في صبيحة الليلة المباركة بتفريق طعام على الضعفاء، وإرفاق الفقراء، شكرا لله. وكان هذا القاضي رحمه الله مشتغلا بالعلم وتدريسه، قلما يفتر في كثرة أوقاته عن نظره واجتهاده. حضرت مجلس إقرائه بتونس عند وصولي إليها في الموكب الغربي؛ فالفيته يتكلم في الباب الثاني من كتاب المعالم للفقيه ابن الخطيب الداني، إلى أن بلغ إلى مناظرة أبي الحسن الأشعري لأستاذه أبي علي الجبائي، المنصوصة في الباب التاسع، حيث سأله عن ثلاثة إخوة، أحدهم كان مؤمنا والثاني كان كافرا، والثالث كان صغيرا، ماتوا كلهم؛ فكيف حالهم؟ فقال الجبائي: أما المؤمن، ففي الدرجات؛ وأما الكافر ففي الدركات؛ وأما الصغير فمن أهل السلامة} فقال الأشعري: إن أراد الصغير أن يذهب إلى درجات المؤمن، هل يؤذن له فيها؟ فقال الجبائي: لا لأنه يقال له: إن أخاك المؤمن إنما وصل إلى تلك الدرجات بسبب طاعته الكثيرة، وليس لك تلك الطاعة {فقال أبو الحسن: فإن قال ذلك الصغير: التقصير ليس مني، لأنك لا أبقيتني ولا أقدرتني على الطاعة؟ فقال الجبائي: يقول الله تبارك وتعالى} " كنت أعلم " أنك لو بقيت وصرت مستحقا للعقاب فراعيت مصلحتك. قال أبو الحسن: فإن قال الكافر: يا إلاه العالمين {كيف علمت حاله علمت حالي} فلم رعيت مصلحته دوني {فانقطع الجبائي. وهذه المناظرة دالة على أن الله سبحانه يخص برحمته من يشاء، وأن أفعاله غير معللة بشيء من الأغراض. انتهى ما تيسر من نبذ أخبار القاضي أبي عبد الله بن عبد السلام، سمي مالك ابن أنس وشبيهه نحلة وحمرة وشقرة رضي الله عنهما ورحمهما} توفي في أوائل الطاعون النازل ببلده قبل عام 750. واحتمله طلبته إلى قبره، وهم حفاة، مزدحمون على نعشه نفعهم الله واياه بفضله!

पृष्ठ 163