وَأخذ مِنْهُ الْمِيثَاق وَلَا يُنَافِي هَذَا ان اسْتِخْرَاج ذُرِّيَّة آدم إِنَّمَا كَانَ بعد نفخ الرّوح فِيهِ لانه ﷺ خص من بَين بني آدم بذلك الاستخراج الأول وَفِي تَفْسِير الْعِمَاد بن كثير عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس ﵃ فِي قَوْله تَعَالَى﴾ ﴿وَإِذ اخذ الله مِيثَاق النَّبِيين﴾ الْآيَة ان الله لم يبْعَث نَبيا إِلَّا أَخذ عَلَيْهِ الْعَهْد فِي مُحَمَّد ﷺ لَئِن بعث وَهُوَ حَيّ ليُؤْمِنن بِهِ ولينصرنه وَيَأْخُذ الْعَهْد بذلك على قَوْله
واخذ السُّبْكِيّ من الْآيَة انه على تَقْدِير مَجِيئه فِي زمانهم مُرْسل إِلَيْهِم فَتكون نبوته ورسالته عَامَّة لجَمِيع الْخَلَائق من أَدَم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَتَكون الْأَنْبِيَاء وأممهم كلهم من أمته فَقَوله ﴿وَبعثت إِلَى النَّاس كَافَّة﴾ يتَنَاوَل من قبل زَمَانه أَيْضا وَبِه يتَبَيَّن معنى كنت نَبيا وآدَم بَين الرّوح والجسد وَحكمه كَون الْأَنْبِيَاء فِي الْآخِرَة تَحت لوائه وَصلَاته بهم لَيْلَة الْإِسْرَاء
وروى عبد الرَّزَّاق بِسَنَدِهِ ان النَّبِي ﷺ قَالَ ﴿إِن الله خلق نور مُحَمَّد قبل الْأَشْيَاء من نوره فَجعل ذَلِك النُّور يَدُور بِالْقُدْرَةِ حَيْثُ شَاءَ الله وَلم يكن فِي ذَلِك الْوَقْت لوح وَلَا قلم الحَدِيث بِطُولِهِ
وَاخْتلفُوا فِي أول الْمَخْلُوقَات بعد النُّور المحمدي فَقيل الْعَرْش لما صَحَّ من قَوْله ﷺ قدر الله مقادير الْخلق قبل ان يخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض بِخَمْسِينَ ألف سنة وَكَانَ عَرْشه على المَاء
وَصَحَّ أول مَا خلق الله الْقَلَم فَقَالَ لَهُ اكْتُبْ قَالَ رَبِّي وَمَا اكْتُبْ قَالَ اكْتُبْ مقادير كل شَيْء لَكِن صَحَّ فِي حَدِيث مَرْفُوع ان المَاء خلق قبل الْعَرْش فَعلم ان أول الْأَشْيَاء على الْإِطْلَاق النُّور المحمدي ثمَّ المَاء ثمَّ الْعَرْش ثمَّ الْقَلَم لما علمت من حَدِيث أول مَا خلق الله الْقَلَم مَعَ مَا قبله الدالين على ان التَّقْدِير وَقع بعد الْعَرْش وَالتَّقْدِير وَقع عِنْد خلق الْقَلَم فَذكر الأولية فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لما بعده
وَورد لما خلق الله آدم جعل ذَلِك النُّور فِي صلبه فَكَانَ يلمع فِي جَبينه وَلما توفّي كَانَ وَلَده شِيث وَصِيّه فوصى وَلَده بِمَا وصاه بِهِ أَبوهُ ان لَا يوضع هَذَا النُّور الا فِي المطهرات من النِّسَاء وَلم يزل الْعَمَل بِهَذِهِ
1 / 8