तारीख नेपोलियन बोनापार्त
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
शैलियों
بعد مرور يومين من إرسال نابوليون هذه المذكرة الشؤمى جمع قواده الممتازين في معسكره العام، وأطلعهم على أنه يرغب في تركهم والذهاب إلى عاصمته التي توجب عليه الظروف أن يسرع إليها. قال: «إني أغادركم لأصحب معي ثلاثمائة ألف جندي؛ إذ إننا يجب علينا أن نشهر حربا أخرى؛ لأننا، للمرة الأولى، قمنا بحملة لم تنجز الحرب ... لقد قهرنا ولم يكن قاهرنا سوى عناصر الطبيعة في هذا الفصل الرهيب؛ إلا أن حملة روسيا إنما هي أمجد وأشرف حملة يسجلها التاريخ الحالي.»
وفي الخامس من شهر كانون الأول أخذ الإمبراطور طريق باريس تاركا قيادة الجيش العامة لملك نابولي.
قال بنجمين كونستان: «لقد هدم شتاء 1812-1813 الرهيب آمال الجيش الفرنسي، فرأت بولونيا وبروسيا والبافيير والرين نابوليون المنهزم عائدا إلى فرنسا! ...» لما وصل الإمبراطور إلى باريس أظهر استياء شديدا من تصرف خيرة رجال الإمبراطورية، ساعة انتهى إليهم أن نابوليون قد قتل في موسكو، فقال: «ولكن ملك روما! قسمكم! مبادئكم! أين كل هذا؟ إنكم لتصورون المستقبل مظلما في عيني.» إلا أنه لم يلبث طويلا أن أخذ يفكر في الأمر الضروري الذي جاء من أجله، وما عتم الأمر أن أصدر مجلس الشيوخ مرسوما بتجنيد ثلاثمائة وخمسين ألف رجل.
في أثناء ذلك كانت بقايا حملة روسيا قد اجتازت بولونيا واجتمعت على حدود ألمانيا، وبالرغم من انكسارها وتشتتها ومكابدتها قساوة العناصر الطبيعية لم تقف عن مقاتلة الروسيين في كرونو تحت قيادة المرشال ناي، منذ ذلك الوقت أصبح بلاتوو بالرغم من مطاردته للفرنسيين وقد خشي أن يتبارى وهذه الفئة القليلة من البسلاء الذين ما زالوا يمثلون شرف الجيش الكبير وشجاعته ومجده. إلا أن الفرنسيين كانوا قد وصلوا إلى عهد لم يبق فيه شأن للنبوغ والبطولة، فإذا كان النصر لا يزال يماشيهم في وسط آلامهم وتعاستهم فإن الحظ ليعاكسهم ويخونهم؛ إذ إنه بعد أن وهبهم حلفاء أقوياء أقدم على سلخهم عنهم واحدا بعد الآخر وتحويلهم جميعهم إلى أعداء متمردين.
هو ذا الجحفل البروسياني المساعد قد بدأ يتحرك، فلقد شرع قائده الجنرال بورك الذي أخذ تعليماته من وزارة برلين يداول مع الروسيين؛ وفردريك غليوم، الذي لا تزال ولاياته تحت تصرف الجيوش الفرنسية أو تهديدهم، قد أنكر جهرا ما أمر به سرا، على أن يعود فيتظاهر بالعداء عند سنوح الفرصة.
في الثامن من شهر كانون الثاني عام 1813 ترك مورات الجيش الفرنسي ليعود إلى نابولي بعد أن سلم القيادة العامة لأوجين. فلما بلغ الإمبراطور هذا العمل الفجائي الذي اعتبره هزيمة مريبة كتب إلى شقيقته كارولين ما يلي: «إن زوجك إنما هو رجل باسل في ساحات الحروب، ولكنه أضعف من امرأة ساعة لا يرى العدو، إذن فهو لا ينطوي على شجاعة أدبية.» ثم كتب إلى مورات نفسه يقول: «لقد سببت لي جميع الأضرار التي استطعتها منذ سفري من ويلنا، فيظهر أن لقب ملك قد برم رأسك .» عندما ترك مورات المركز الخطير الذي وضعه فيه نابوليون، صرف لتاجه من الاهتمام فوق ما صرف لمجده، وسيجيء يوم يخسر فيه أحد هذين من غير أن يستطيع صيانة الآخر. كم أن الحوادث تسرع في سيرها! فلقد ولج نكران الجميل نفوس هؤلاء الذين يرجع إليه فضل مقامهم السامي وشهرتهم وحظهم!
قبل أن يغادر نابوليون باريس، جرب أن يضع حكومته في مأمن من الخطر الذي قد يوقعها فيه غيابه، فعهد بالسلطة السامية إلى الإمبراطورة ماري لويز، بعد أن أسس إلى جنبها مجلسا نيابيا. وكأنه تنبأ أن هجومه هذه المرة لن يكون على جيوش القيصر فحسب، بل إن حلفاءه الألمانين والنمسويين وغيرهم، الذين بقوا دائما أعداء سريين له، لا بد أن يشهروا العداء في وجهه، فرأى أن الثلاثمائة والخمسين ألف جندي غير كافين للحملة، وأصدر أمرا بتجنيد مائة وتسعين ألفا أخر. أما الشعب، فبالرغم من أن حماسه لم يبق كما كان عليه عهد مارنغو وأوسترلتز، لم يجد مفيضا من النزول في أمره على الإذعان للتضحية التي تتطلبها الظروف. على أن الفئة الغنية من الأهالي، وإن كانت أشد من غيرها تمسكا بالمدافعة عن أرضها، إلا أنها أخذت تسعى إلى التملص من التجنيد بدفع المال عوضا عن الرجال.
في أثناء ذلك كان ملك بروسيا قد أعلن عداءه لنابوليون والدخول في الحملة التي تجهز ضده، إلا أن هناك عدوا آخر لم يجد بدا من المجاهرة بالخصومة بين سلطات الشمال، وهو برنادوت، الذي عزم على أن يقاتل الفرنسيين بعد أن ضمن له القيصر عرش السويد وجعله ينتظر تاج فرنسا! بعد حملة موسكو وانكسار الجيش الفرنسي خيل لبرنادوت أن الوقت قد حان لبلوغ أربه. ترك نابوليون قصر سن كلود في منتصف شهر نيسان ليسرع إلى الميعاد الذي ضربته له أوروبا الشمالية في ألمانيا.
وصل نابوليون إلى أرفورث في الخامس والعشرين من شهر نيسان، في حين كان المرشال ناي يستولي على ويسنغل بعد موقعة جعلته يقول: «إنه لم ير قط حمية وثباتا أشد من اللذين رآهما في فرقة المدفعية .»
حمل الإمبراطور معسكره العام إلى ويسغنل وألقى ثلاثة جسور على نهر السال الذي كان الجيش الفرنسي معسكرا على شواطئه تحت قيادة أوجين. وفي أول شهر أيار زحف المرشال ناي إلى الأمام مع فرقة سوهام فاجتاز مضيق بوزرنا، الذي تحميه ستة مدافع وثلاثة صفوف من الخيالة، وهو يهتف «ليحي الإمبراطور!» وتبعته فرق جيرار ومرشان وبرينيه وريكار، وما هي إلا بضع ساعات حتى طرد الفرنسيون خمسة عشر ألف خيال من خيالة القائد ونتزنجرود، كانوا في السهل الممتد من مرتفعات ويسنغل حتى الألب. وحدثت بعد ذلك موقعة لوتزن فكان النصر فيها حليفا للفرنسيين، الذين أبلوا بلاء حسنا وأظهروا شجاعة لم يظهروها قبل ذلك فخاطبهم نابوليون بقوله:
अज्ञात पृष्ठ