तारीख नेपोलियन बोनापार्त
تاريخ نابوليون بونابرت: ١٧٦٩–١٨٢١
शैलियों
تردد أمير إستوري بادئ ذي بدء بالنزول عند رغبة نابوليون؛ إذ إنه بينما كان بعض مستشاريه ينذرونه بالخطر الذي يحدق بهذه المقابلة، كان البعض الآخر يشعرونه بوجوب الإسراع لمقابلة الإمبراطور وسبق والده إليها؛ ولكن ما عتم الأمر حتى اقتنع فرديناند بالرأي الأخير، فترك مدريد ينازعه عاملا الريبة والإيجاس، واتجه نحو حدود فرنسا، فلما وصل إلى فيتوريا أراد أن ينتظر الإمبراطور فيها، إلا أن الإمبراطور لم يحضر، فوالى سيره إلى بايون. في العشرين من شهر نيسان وصل إلى قصر مارك يصحبه شقيقه دون كارلوس؛ أما كارلوس الرابع فقد لحق بأمير إستوري صاحبا معه الملكة وصفيه ليضع نفسه تحت حماية الإمبراطور، ولكيلا يترك للأمير المذكور المجال واسعا في بايون. عند هذا أبصر الجندي الأعظم، مصطفى الشعب ووليد الثورة الفرنسية أعقاب القديس لويس مترامين على قدميه؛ أجل أبصر وراث بيلاج وحماة سيف «السيد» واضعين تحت أمانته مقدرات تلك المملكة القديمة الشاسعة الأطراف التي جعلت فيليب الثاني يقول بفخر: «إن الشمس لا تغيب عن أراضيه!»
يا له مشهدا عظيما طافحا بالأمثولات لأوروبا القديمة! فأمام جبال البيرينه الفخورة، التي كثيرا ما حاول البوربونيين عبثا أن يمهدها بنظم سلالية، أصبحت ترى العهد الإقطاعي الفاني، ذلك العهد الذي كساه العار حلته وطعنه العجز طعنته النجلاء، يتزاحف ببؤس نحو رحمة الشعب واحتقاره لكي يضع، قبل اضمحلاله، مزق عظمته الماضية ومجده المنطفئ على قدمي ذلك الرجل الأعظم ممثل مجد العهد الحالي وجلاله وجبروته!
كان أمير إستوري يرغب في مقابلة مع والده؛ ليتفقا معا على شجب تداخل ذلك الوسيط القاهر الذي اختاراه، فصمم النية على الدخول على كارلوس الرابع في مخدعه. إلا أن الملك القديم قال له له بحدة: «قف أيها الأمير! ألم يكفك إهانة شعوري البيضاء؟» ودفعه عنه، وفي اليوم التالي وبخه على سلوكه بعبارات قاسية، إلا أن نابوليون لم يعيه الأمر عن الاطلاع على تلك الرسالة التي ختمت بهذه الكلمات المرمزة عن فتنة أرنجويز: «يجب أن يعمل كل شيء في سبيل الشعب وليس على يده. أما الإعراض عن هذا المبدأ فهو ارتكاب جميع الجرائم التي تتأتى عن هذا الإعراض.»
في أثناء ذلك كان نابوليون قد اختبر ذينك الرجلين اللذين ما جاء إلا ليدرسهما عن كثب؛ إذ إنه، لدى المقابلة الأولى التي جرت بينهم، اتضحت له الحقيقة الناصعة فقال بعد ذلك: «عندما أبصرتهما متراميين على قدمي، وقيض لي أن أتسلل إلى مداخل نفسهما العاجزة، هزتني الشفقة على مصير شعب كبير فقبضت على ناصية الظروف التي وفرها لي الحظ لإقالة عثرة إسبانيا، ونزعها من نير إنكلترا، وضمها إلى مبادئنا ضما وديا، وكان من حق هذا العمل أن يكون حجر الزاوية في بناء سلام أوروبا وطمأنينتها.»
أجل، لقد حق لنابوليون أن يقول ذات يوم: «إن حرب إسبانيا إنما جاءت قاضية عليه، وإن جميع الظروف المعاكسة التي اكتنفته إنما هي وليدة تلك الحرب الشؤمى.»
8
إلا أن انقلاب حظه العجيب وآماله، التي تدور حول نسبه، ستعقبه حرب تبقى ست سنوات يتلاقى خلالها الفرنسيون والإنكليز في إسبانيا فيلقي الأولون بذور العادات الديموقراطية والآخرون روح بلادهم الشرعية، ثم إن عاقبة الحرب ، وإن جاءت وخيمة على الجيوش الفرنسية، إلا أن الفلسفة العصرية إنما مارست مذهبها في جوار «الواجب المقدس» آوية إلى سرادق حلفاء إسبانيا، كما أوت إلى سرادق قاهريها. وعندما تضطر الكتائب الإمبراطورية أن تمر في البيرينه مرة أخرى، وتتخلى عن انتصاراتها، يبصر المبدأ القديم في عودته بذور الأفكار الحرة، ومقت ديوان التفتيش، وحب الحرية، ولكنه يستبقي ذلك الطابع الوحشي كما استبقى تلك الخيانة وذلك الجبن، فيغمس يده في دماء أعظم منقذيه لأنهم اتخذوا اتخاذا جديا تلك النظم التي أنقذت استقلالهم، إلا أن وحشية ذلك الجحود إنما ستخلق شهداء لا عبيدا! أجل، إننا نكرر ما قلنا فإنه، وإن لم يبق شيء من عظمة نابوليون الخاصة ومن المقدرات التي وفرها لأسرته، إلا أن علم الرقي إنما سيغرس في إسبانيا بين النكبات والمصائب التي حلت بأبناء العصر، والتي قد تبقى زمنا طويلا بعد أن يولد الشعب الإسباني الجديد. تلك كانت رغبة نابوليون. ولقد ذكرها في كتابه إلى الغراندوق ده برج وأعادها في سنت هيلين. قال: «إننا في الأزمة التي كانت تحيط بفرنسا، وفي وسط تلك المعمعة الفكرية، لم نستطع أن نترك إسبانيا وراءنا.»
9
أجل، لم يعتم الأمر أن صحت مشيئة نابوليون؛ فلقد حدثت فتنة في مدريد، تركت عاصمة إسبانيا في حالة ثورة، ما لبثت أن عمت جميع المقاطعات، وأصبح البوربون لا يستطيعون السيادة على الشعب الإسباني إلا تحت تأثير العصيان والتمرد المعاديين للنفوذ الفرنسي. في الخامس من شهر أيار تنازل كارلوس الرابع إكراما لنابوليون، وفي العاشر منه صدق أمير إستوري، ودون كارلوس، ودون أنطونيو، ودون فرنسيسكو وهم أولياء عهده على هذا التنازل. وقد تنازلوا هم أيضا عن أية رغبة في عرش إسبانيا. أما الملك القديم فانسحب إلى كومبياني تصحبه الملكة والصفي غودوي، وأما أولياء العهد فقد انسحبوا إلى فالانساي.
ولقد جاء تخلي كارلوس الرابع وأولاده عن التاج خاتمة لتمرد الأمة الإسبانية، فتألفت المجالس التنظيمية في جميع الجهات لإدارة حماية البلاد ضد الهجمات الأجنبية، عند هذا ألف نابوليون مجلسا تنظيميا وضع على رأسه صهره مورات ، ولم يكد هذا المجلس يعقد، حتى سمى ملكا على الإسبانيين شقيق الإمبراطور جوزيف نابوليون، الذي كان يشغل عرش نابولي.
अज्ञात पृष्ठ