तारीख नहव अरबी
تاريخ النحو العربي: منظورا إليه من جهة تطور مفهومه: تأملات استكشافية
शैलियों
11
يأتي الكلام المعجز فوق الكلام بعامة وفوق الكلام الجميل. لا تعني «فوق» الانفصال عنهما، إنما تعني أنه أعلى في القيمة. يستمد الكلام المعجز من الكلام بعامة والكلام الجميل ما هو ضروري لتحقيق أهدافه. تشترك هذه الأنواع الثلاثة من الكلام في التركيب، لكن تركيب الكلام بعامة يتمايز عن النوعين الآخرين تبعا للموقف التواصلي، والموقف الجمالي. قد يخرج الكلام الجميل إلى التملق والمبالغة والكذب، وإلى ما يعجب ويطرب؛ لذلك يأتي الكلام المعجز فوقه من حيث القيمة فهو لا يتملق، ولا يبالغ ولا يكذب، وهو صادق من الوجهة التاريخية. ليس هذا فحسب، إنما هو الكلام الصادق. لا يريد الكلام المعجز أن يحظى بإعجاب البشر مثلما يسعى الكلام الجميل، إنما يريد أن يخضعهم، ولا يريد أن ينسي البشر واقعهم كما يفعل الكلام الجميل، إنما يريد من البشر أن يلحقوا واقعهم به. من هذا المنظور لا يوصف الكلام المعجز بأنه فن مثلما نقول فن الشعر، إنما هو تعليمات ووعد ووعيد ... إلخ. يهدف الكلام المعجز إلى طاعة قائله المطلقة، يتجلى ذلك في الموقف الذي يمكن أن يكون فيما لو شكك البشر فيه، أو خالفوا تعليماته.
الكلام المعجز كمجال قابل لأن يفهم، والنحو كتركيب نظري لإعجازه
وعى عبد القاهر الجرجاني ما يجعل من الكلام الجميل كلاما معجزا. سأكتفي هنا بتوقفه عند كلمة (قلب) في الآية القرآنية:
إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ،
12
أي لمن أعمل قلبه فيما خلق القلب له من التدبر والتفكر والنظر فيما ينبغي أن ينظر إليه. فهذا على أن يجعل الذي لا يعي ولا يسمع ولا ينظر ولا يتفكر، كأنه قد عدم القلب من حيث عدم الانتفاع به، وفاته الذي هو فائدة القلب والمطلوب منه، كما يجعل الذي لا ينتفع ببصره وسمعه ولا يفكر فيما يؤديان إليه، ولا يحصل من رؤية ما يرى وسماع ما يسمع على فائدة، بمنزلة من لا سمع له ولا بصر.
13
تكمن فائدة هذا الاستشهاد الطويل في الأسئلة التي تثيرها بعض عباراته. ما الفائدة التي ترجى من عمل القلب؟ ما المطلوب من القلب؟ ما الذي ينبغي أن ينظر فيه القلب؟ ما الذي خلق من أجله القلب؟ كيف ينتفع بالقلب؟ لا يورد عبد القاهر الجرجاني سوى إجابة واحدة هي: الإيمان؛ ذلك أن القلب يتدبر ويتفكر وينظر لكي يؤمن. والعلاقة التي يقيمها بين القلب الذي لا ينتفع به من ناحية، والسمع والبصر اللذين لا ينتفع بهما من ناحية أخرى تستحضر آيات قرآنية أخرى تربط بين عدم الإيمان وقفل القلوب وصم الآذان، وعمى العيون والقلوب. «القلب» في الآية ليس بمعنى «العقل» إلا في حالة واحدة، حين يراد بالقلب ما يسميه الجرجاني بالدلالة على الغرض بالجملة؛ عندئذ يكون القلب بمعنى العقل؛ ذلك «أن المراد به (القلب) الحث على النظر، والتقريع على تركه، وذم من يخل به ويغفل عنه، ولا يحصل ذلك إلا بالطريق الذي قدمته.»
14
अज्ञात पृष्ठ