الطائف سامية باردة الماء والهوى صحيح كثيرة الفواكه زراعتهم الحنطة اللقيمة التي تشابه اللؤلؤ، وأهلها من ثقيف وقريش على زي أهل مكة في الأكل واللبس. وأهلها يرثوا البنت عند الموت ولم يورث أحدهم بنته الدراهم، وكذلك بنو هذل ومضر وبجيلة وجميع أهل السراة وجميع العرب الذين هم سكان بأرض الحجاز وما حول مكة. وللقوم عصبية عظيمة إذا مات بها أحد لم يحمل جنازته إلا الشبان ومع ذلك يقولون: سلم سلمك الله هذا ما وعد الله نعم القاضي! وهم يتداولون بالنعش إلى الجبانة وهم الذين يحفرون القبر. حدثنا الزبير بن أبي بكر قال حدثنا عمر بن أبي بكر الرملي قال: اخبرني بعض أهل العلم من قريش قال: ما استن للنوائح وأحرباه إلا من بعد موت حرب بن أمية فناحت نوائحه وأحرباه فجعلن النواح للناس كلهم يقلن: وأحرباه! من ذلك العهد. وبه قبر عبد الله بن العباس ﵄. وجميع عملهم دباغ الأديم ويدبغ بها الأديم المليح الثقيل المعروف بها وهو الذي يصلح لخوارزم. وكل فريق يغرس في هذه البلاد يطلع مكتسبي وبه يطعن السدر وهو سويق النبق من نبق العراق ليس له شوك وكذلك شجرة في زبيد مما يلي القرنب.
من الطائف إلى جبل بدر
من الطائف إلى المعى ستة فراسخ وبه تنحت قدور البرم التي يفخر حجرها على سائر الأحجار. حدثني شيخ قدوري بهذا قال: إن احجر الأملس يعمل فيه الحديد إلا الفولاذ وإلى خبت عنتر خمس فراسخ وهو عنتر بن زبيبة العبسي، وهي ارض ذات شعاب ومكسّرات وبها بئر عذب فرات. وإلى حدان ستة فراسخ. وإلى بحرى خمس فراسخ وبه تزرع الحنطة في العام مرّتين بعد كل ستة اشهر مرّة وهذا خلاف كلّ العالم في الزروع. وإلى الدرب فرسخين. وإلى ارض ليلى العامريّة وقيس بن المللوّح ويقال أنّ ليلى العامريّة وقيس بن المللوح كانوا في هذه الأرض وماتوا بها. وفي قبيلها يقول الشاعر:
ألا لَيتَ أتى بالما عامريّةٌ ... إذا صابها ضيمٌ دَعت يالَ عامرِ
وإلى نوا فرسخ، أول معاملة بجيلة وهم الذين يسمون السرو.
ذكر السرو
فأما السرو فإنهم قبائل وفخوذ من العرب ليس يحكم عليهم سلطان بل مشائخ منهم وفيهم وهم بطون متفرقون. فإذا خرج أحدهم إلى سفر أتت المرأة إلى عند المخلف أي عشيق تلك المرأة يحاضنها إلى أن يرجع زوجها. فإذا قرب المسافر من منزله نادى بأعلى صوته: أيها المخلف اللجوج، فقد حان وقت الخروج! ويدخل المسكن غفلة فإن وجده في المسكن قتله وإن كان قد خرج فقد عفا الله عما سلف. وسألت رجلًا منهم في مكة فقلت له: أيها الرجل والنزيل ماذا يصنع المخلف؟ فرد أسوئ جواب فقال: يسحق الخبز ويمحق المرأة. وغاية حج القوم عمرة أول رجب وقد ضمن لهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضه تلك العمرة بحجة كاملة مقبولة. فإذا دخلوا مكة ملئوها خبزا من الحنطة الشعير والسويق والسمن والعسل والدخن واللوز والزبيب وما يشبه ذلك، ولذلك يقول أهل مكة: حاج العراق أبونا نكسب منه الذهب والسرو امنًا نكسب منهم القوت. يقال أن معاملة نوا مائتي قرية أو اكثر ومن جملة القرى المائتين المسلم وعقدة واليفوع وحدا والراهن وسعمون وبريف. وبها وقعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مع الأفعى فقتله، وبه جبل إبراهيم الخليل ﵇. ومنهور والفروات والشعبين واللقاع وحرف والرجعين وهي قرى جماعةٌ. وبهذه الأعمال كانت وقعة بني تميم وبكر بن وائل وفي حرب منها هلك لقيط بن زرارة أخو حاجب بن زرارة وحسن. وإلى الرداء ستة فراسخ. وإلى الملحاء ستة فراسخ وهو جبل عظيم والله اعلم.
ذكر جبل الملحاء
1 / 10