तारीख मिस्र हादिथ
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
शैलियों
وبقيت مصر في راحة وهدوء تامين بعد إخماد ثورة أهل الحوف، وكذلك كانت سائر الإمارات الإسلامية؛ فسكن بال الخليفة المهدي من قبيل داخلية المملكة، فعكف على توسيع نطاقها؛ فغزا ملك اليونان بجند تحت قيادة ابنه الثاني هارون الرشيد، فتغلب هارون على بلدان عديدة ضمها إلى مملكة أبيه، ووضع على القسطنطينية جزية مقدارها سبعون ألف دينار، فأظهر هارون شجاعة وإقداما وقعا في عيني أبيه موقعا عظيما؛ فكافأه بأن جعل له حق الخلافة بعد أخيه موسى الهادي، وفي 23 محرم سنة 169ه توفي الخليفة المهدي، وله من العمر 42 سنة، ومدة حكمه عشر سنين وشهران ونصف، وهذه صورة النقود التي ضربت في عهد الخليفة المهدي سنة 163ه (انظر شكل
5-3 ).
شكل 5-3: نقود الخليفة المهدي. (4) خلافة موسى الهادي (من سنة 169-170ه/785-786م)
فبويع موسى الهادي، وهو الخليفة الرابع من بني العباس، وحالما استلم زمام الأحكام عزل الفضل بن صالح عن مصر وولى علي بن سليمان، وحاول إلغاء وصية أبيه القاضية بخلافة هارون من بعده على نية أن يجعل الخلافة لابنه ، لكنه لم يأت على إدراك مناه حتى أدركه الموت في يوم الجمعة الواقع في 14 ربيع الأول سنة 170ه وعمره 24 سنة، ولم يحكم إلا سنة وشهرا و22 يوما. (5) خلافة هارون الرشيد (من سنة 170-193ه/786-809م)
فبويع ابنه هارون الرشيد يوم وفاة أخيه، وهو الخليفة الخامس من بني العباس، وفي أيامه بلغت دولة العرب من العمران والمجد ما فاح أرجه في أقاصي الأرض المعمورة، ولم تعد ترى عصرا مثل ذلك العصر، وكأن شمس الدولة العربية في أيامه بلغت خط الهاجرة، ثم أخذت تنحدر بعده رويدا رويدا نحو الأفق، وفي يوم مبايعته ولد له غلام دعاه عبد الله، وهو بكر أولاده، وولي عهده، ولقب بعدئذ بالمأمون.
وأقر هارون الرشيد عليا على مصر، فأظهر هذا في ولايته حزما وسياسة، فأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، ومنع الملاهي والخمور، لكنه عكف على هدم الكنائس المحدثة في مصر، فبذل له النصارى خمسين ألف دينار على أن يتخلى عن هدمها فأبى، وكان كثير الصدقة فعلق به الأهلون حتى قالوا: إنه أهل للخلافة فطمع فيها؛ فسخط عليه هارون الرشيد وعزله، وولى مكانه موسى بن عيسى العلوي في 6 ربيع أول سنة 171ه وحالما استلم زمام الإمارة أذن للمسيحيين بابتناء الكنائس التي هدمت بأمر علي بن سليمان، فابتنيت بمشورة الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة.
وفي 14 رمضان سنة 172ه عزل بعد أن تولى الإمارة سنة وخمسة أشهر، وتولى مكانه مسلمة بن يحيى، وفصل بين إدارة الحكومة والمالية أو الخراج، وجعل على الخراج عمر بن غيلان، وفي 5 شعبان سنة 173ه عزل مسلمة بن يحيى عن الصلاة وتولى محمد بن زهير، وفي غاية ذي الحجة سنة 173ه عزل وتولى مكانه داود بن يزيد بن حاتم بن قبيصة، وفي 7 صفر سنة 175ه عزل داود بن يزيد وولى مكانه موسى بن عيسى ثانية، وفي هذه السنة أوصى هارون الرشيد بالخلافة لابنه الثاني محمد الملقب بالأمين وهو لم يبلغ الخامسة من عمره وأخوه المأمون في السادسة، وسبب ذلك: أن الأمين كان ابن زبيدة ابنة عم الخليفة، وأما المأمون فكان ابن جارية فارسية؛ فغضبت زبيدة لحرمان ابنها من الخلافة، وكان الرشيد يحبها فأوصى بالخلافة لابنها الأمين على أن يكون للمأمون حق الخلافة بعده.
وفي 26 صفر سنة 176ه عهدت إمارة مصر إلى إبراهيم بن صالح ثانية، وكان قد تولاها في خلافة أبي جعفر كما تقدم، وفي 18 رمضان سنة 176ه تولى إمارة مصر عبد الله بن المسيب بن زهير الضبي أخو محمد بن زهير، ثم صرف في رجب سنة 177، فخلفه إسحاق بن سليمان من بني العباس؛ فلما وصل مصر زاد في خراج المزارعين زيادة أجحفت بهم، فخرج عليه أهل الحوف فحاربهم؛ فقتل كثير من أصحابه، فكتب إلى الرشيد بذلك؛ فعقد لهرثمة بن أعين في جيش عظيم، وبعث به فنزل الحوف فتلقاه أهله بالطاعة وأذعنوا فقبل منهم، واستخرج الخراج كله؛ فسر الخليفة مما أتاه هرثمة من النصر، فصرف إسحاق بن سليمان وولى مكانه هرثمة في 2 شعبان سنة 178ه وبعد قليل أرسل الرشيد هرثمة إلى إفريقية وولى على مصر عبد الملك بن صالح أخا إبراهيم بن صالح على الصلاة، وأرسل معه عبد الله بن زهير على الخراج.
وفي 12 محرم سنة 179ه أبدل عبد الملك بن صالح بعبيد الله بن المهدي شقيق الخليفة، وبعد قليل تنحى هذا عن الإمارة لموسى بن عيسى وهي المرة الثالثة لإمارته، وفي سنة 180ه عادت إمارة مصر إلى عبيد الله بن المهدي ثانية، وفي 7 رمضان سنة 181ه سلمت إمارة مصر إلى إسماعيل بن صالح، وكان خطيبا بليغا؛ فقال فيه ابن عفير: «ما رأيت على هذه الأعواد أخطب من إسماعيل بن صالح.»
وفي 14 جمادى الآخرة سنة 182ه صرف الرشيد إسماعيل بن صالح وولى إسماعيل بن عيسى العباسي، ثم صرف هذا وولى الليث بن الفضل البيوردي من أهل بيورد، فقدم مصر في 5 شوال سنة 182ه وخرج منها في رمضان سنة 183 إلى الخليفة بالهدايا والمال، واستخلف أخاه الفضل بن علي في مصر، ثم عاد في آخر السنة، وخرج ثانية بالمال في 21 رمضان سنة 185ه واستخلف هاشم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج، ثم عاد في 14 محرم سنة 186ه فكان كلما أغلق خراج سنة وفرغ من حسابها خرج بالمال إلى أمير المؤمنين هارون الرشيد مع الحساب.
अज्ञात पृष्ठ