तारीख मिस्र हादिथ
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
शैलियों
فقال عمرو: «أرى أن تبعث جيشا كثيفا، عليهم رجل حازم صابر صارم تأمنه وتثق به، فيأتي مصر، فإنه سيأتيه من كان على مثل رأينا فيظاهره على عدونا، فإن اجتمع جندك ومن بها على رأينا رجوت أن ينصرك الله.»
قال معاوية: «أرى أن نكاتب من بها من شيعتنا فنمنيهم ونأمرهم بالثبات، ونكاتب من بها من عدونا فندعوهم إلى صلحنا، ونمنيهم شكرنا، ونخوفهم حربنا، فإن كان ما أردنا بغير قتال فذاك الذي أردنا، وإلا كان حربهم من بعد ذلك. إنك يا ابن العاص، بورك لك بالشدة والعجلة، وأنا بورك لي بالتؤدة.»
فقال عمرو: «افعل ما ترى، فما أرى أمرنا يصير إلا الحرب.»
فكتب معاوية إلى مسلمة بن مخلد، ومعاوية بن حديج السكوني، وكانا قد خالفا عليا يشكرهما على ذلك، ويحثهما على الطلب بدم عثمان، ويعدهما المساواة في سلطانه، فأجاب مسلمة بن مخلد الأنصاري عن نفسه وعن ابن حديج بما نصه: «أما بعد، فإن الأمر الذي بذلنا له أنفسنا، واتبعنا به أمر الله أمر نرجو به ثواب ربنا، والنصر على من خالفنا، وتعجيل النقمة على من سعى على إماننا. أما ما ذكرت من المواساة في سلطانك فتالله إن ذلك أمر ما له نهضنا، ولا إياه أردنا، فعجل إلينا بخيلك ورجلك، فإن أعداءنا أصبحوا لنا هائبين فإن يأتني مدد يفتح الله عليك، والسلام.» فجاءه الكتاب وهو في فلسطين، فدعا أولئك النفر، وقال لهم: ما ترون؟ فقالوا: نرى أن تبعث جندا، فعهد إلى عمرو أن يسير في ستة آلاف رجل، وأوصاه بالتؤدة وترك العجلة. (3-4) مقتل محمد بن أبي بكر
فسار عمرو، فنزل أداني أرض مصر، فاجتمعت إليه دعاة العثمانية فأقام بهم، وكتب إلى محمد بن أبي بكر كتابا، ونصه: «أما بعد، فتنح عني بدمك يا ابن أبي بكر، فإني لا أحب أن يصيبك مني ظفر. إن الناس بهذه البلاد قد اجتمعوا على خلافك، وهم مسلموك، فاخرج منها إني لك من الناصحين.» وبعث معه كتاب معاوية بالمعنى أيضا. فأرسل محمد الكتابين إلى علي، وأخبره بنزول عمرو بأرض مصر، وإنه رأى التثاقل ممن عنده، ويستمده، فكتب إليه علي يأمره أن يضم شيعته إليه، ويعده إنفاذ الجيوش إليه، ويأمره بالصبر لعدوه وقتاله .
فقام محمد بن أبي بكر في الناس، وندبهم إلى الخروج على عدوهم، فانضم إليه ثلاثة آلاف، فلما رأى ذلك عمرو بعث إلى معاوية بن حديج يستمده فأمده، والتقى الجيشان، فظهرت رجال عمرو، وتفرقت أصحاب ابن أبي بكر. فما زال عمرو بجيشه حتى أقبل على محمد، وكان قد تخلى عنه رجاله، ففر من وجه عمرو يطلب ملجأ؛ فانتهى إلى خربة بناحية الطريق فأوى إليها، وسار عمرو حتى دخل الفسطاط، ثم أرسل معاوية بن حديج في طلب محمد بن أبي بكر، فانتهى إلى جماعة على قارعة الطريق، فسألهم عنه، فقال أحدهم: «دخلت تلك الخرابة فرأيت فيها رجلا جالسا.» فقال ابن حديج: «هو هو فأمسكوه.» فدخلوا عليه فاستخرجوه، وقد كاد يموت عطشا، وأقبلوا به نحو الفسطاط، فوثب أخوه عبد الرحمن بن أبي بكر إلى عمرو - وكان في جنده - وقال: «أتقتل أخي صبرا؟ فابعث إلى ابن حديج فانهه عنه.» فعبث إليه يأمره أن يأتيه به، فجاءوا به وقد أعياه الظمأ، فقال لهم: «اسقوني ماء.»
فقال له معاوية بن حديج: «لا سقاني الله إن سقيتك قطرة أبدا، إنكم منعتم عثمان شرب الماء، والله لأقتلنك حتى يسقيك الله من الحميم والغساق.»
فقال له محمد: «يا ابن اليهودية النساجة ليس ذلك إليك، إنما ذلك إلى الله يسقي أولياءه، ويظمئ أعداءه أنت وأمثالك. أما والله لو كان سيفي بيدي ما بلغتم مني هذا.» فقال له ابن حديج: «أتدري ما أصنع بك؟ أدخلك جوف حمار، ثم أحرقه عليك بالنار.»
فقال محمد: «إن فعلت بي ذلك فطالما فعلتم مثله بأولياء الله، وإني لأرجو أن يجعلها عليك، وعلى أوليائك ومعاوية وعمرو نارا تلظى، كلما خبت زادها الله سعيرا.» فغضب منه وقتله، وجعله في جيفة حمار، وألقاه في النار. فلما بلغ ذلك عائشة أخته جزعت عليه جزعا شديدا، وقنتت في دبر الصلاة تدعو على معاوية وعمرو، وأخذت عيال محمد إليها؛ فكان القاسم بن محمد بن أبي بكر في عيالهم، ولم تعد تأكل من ذلك الوقت شواء. هكذا تم فتح مصر لمعاوية على يد عمرو بن العاص فاتحها الأول.
أما الإمام علي: فكان قد أجهد نفسه ليجمع مددا إلى محمد، فلم يأته من رجاله إلا نفر قليل، وبينما هو يحث الناس على ذلك؛ جاءه الخبر بقتل محمد بن أبي بكر، وفتح مصر؛ فاشتد غيظه، وخطب في الناس قائلا:
अज्ञात पृष्ठ