तारीख मिस्र हादिथ
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
शैलियों
من عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإني قد عجبت من كثرة كتبي إليك في إبطائك بالخراج، وكتابك إلي ببنيات الطرق، وقد علمت أني لست أرضى منك إلا بالحق البين، ولم أقدمك إلى مصر أجعلها لك طعمة ولا لقومك، ولكني وجهتك لما رجوت من توفيرك الخراج، وحسن سياستك، فإذا أتاك كتابي هذا فاحمل الخراج فإنما هو فيء، وعندي - من قد تعلم - قوم محصورون، والسلام.
فكتب إليه عمرو:
بسم الله الرحمن الرحيم، لعمر بن الخطاب من عمرو بن العاص، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فقد أتاني كتاب أمير المؤمنين يستبطئني بالخراج، ويزعم أني أحيد عن الحق، وأنكث عن الطريق، وإني والله ما أرغب عن صالح ما تعلم، ولكن أهل الأرض استنظروني أن تدرك غلتهم، فنظرت للمسلمين فكان الرفق بهم خيرا من أن تخرق بهم؛ فيصيروا إلى بيع ما لا غنى لهم عنه، والسلام.
فكف الخليفة، وقد كان محمولا على ما أنبه به ممن كان يناظر عمرا على ولاية مصر. (ل) فتح دمياط وتانيس
فهذه المعاملة وأمثالها جعلت للعرب منزلة رفيعة عند المصريين؛ فرضخوا لهم إلا الهاموك حاكم دمياط، وهو من أنسباء المقوقس، فإنه امتنع عن التسليم، واستعد للحرب، فأنفذ إليه عمرو المقداد بن الأسود في طائفة من المسلمين، فخرج إليهم الهاموك وحاربهم حتى قتل ابنه بالحرب، فعاد إلى دمياط وجمع إليه أصحابه فاستشارهم في أمره، وكان عنده حكيم قد حضر الشورى، فقال له: «أيها الملك، إن جوهر العقل لا قيمة له، وما استغنى به أحد إلا هداه إلى سبيل الفوز والنجاة من الهلاك، وهؤلاء العرب من بدء أمرهم لم ترد لهم راية، وقد فتحوا البلاد وأذلوا العباد، وما لأحد عليهم قدرة، ولسنا بأشد من جيوش الشام، ولا أعز وأمنع، وإن القوم قد أيدوا بالنصر والظفر، والرأي أن تعقد مع القوم صلحا تنال به الأمن وحقن الدماء وصيانة الحرم، فما أنت بأكثر رجالا من المقوقس.»
فلم يعبأ الهاموك بقوله، وغضب منه فقتله، وكان له ابن عاقل، وله دار ملاصقة للسور؛ فخرج إلى المسلمين في الليل، ودلهم على عورات البلد؛ فاستولى المسلمون عليها، وتمكنوا منها، فلما برز الهاموك للحرب لم يشعر بالمسلمين إلا وهم يكبرون على سور البلد؛ فاستأمن للمقداد، فتسلم المسلمون دمياط، وأخبروا عمرا بذلك.
ثم خرج شطا بن الهاموك بعد أن أسلم إلى البرلس والدميرة وأشموم طناح؛ فحشد أهل تلك النواحي، وجعلهم مددا للمسلمين، وسار بهم مع المسلمين لفتح تانيس؛ فبرز لأهلها وقاتلهم حتى قتل في المعركة في ليلة الجمعة نصف شعبان بعد ما أنكل فيهم، فحمل من المعركة، ودفن في مكانه المعروف به خارج دمياط، يحيون فيه ليلة نصف شعبان من كل سنة، ولم يكف المسلمون عن تانيس حتى فتحوها. (م) الفتح الإسلامي احتلال عسكري
لما فتح المسلمون البلاد لم يتولوا حكومتها - كما رأيت - بل نزلوا خارجها في معسكراتهم كالمحتلين؛ يستولون على الخراج والجزية، ويراقبون الأحكام. فعمرو بن العاص وجنده لما فتحوا مصر نزلوا في الفسطاط والإسكندرية، وتركوا سائر قرى مصر بأيدي القبط، ولم يكن أحد من المسلمين بالقرى، وإنما كانت رابطة تخرج إلى الصعيد حتى إذا جاء أوان الربيع انتشر الأتباع في القرى لرعي الدواب، ومعهم طوائف من السادات.
وكان الخليفة عمر بن الخطاب مع ذلك ينهى الجند عن الزرع، ويبعث إلى أمراء الأجناد بإعطاء الرعية أعطياتهم، وأرزاق عيالهم، وينهاهم عن الزرع.
وكان عمرو يقول لرجاله إذا رجعوا من غزوهم: «إنه قد حضر الربيع فمن أحب منكم أن يخرج بفرسه بربعه فليفعل، ولا أعلمن ما ينفع من أسمن نفسه وأهزل فرسه. فإذا حمض اللبن، وكثر الذباب، ولوى العمود فارجعوا إلى قيرورتكم.» وذكر المقريزي خطبة لعمرو في هذا المعنى رواها عن بحير بن ذاخر المعافري، وفيها وصف عمرو بن العاص وأبهته قال المعافري: رحت أنا ووالدي إلى صلاة الجمعة تهجيرا، وذلك بعد حميم النصارى بأيام يسيرة، فأطلنا الركوع؛ إذ أقبل رجال بأيديهم السياط يزجرون الناس فذعرت، فقلت: يا أبت، من هؤلاء؟ فقال: يا بني، هؤلاء الشرط. فأقام المؤذنون الصلاة، فقام عمرو بن العاص على المنبر، فرأيت رجلا ربعة قصير القامة، وافر الهامة، أدعج أبلج عليه ثياب موشاة كأن به العقبان تأتلق، عليه حلة وعمامة وجبة، فحمد الله وأثنى عليه حمدا موجزا، وصلى على النبي
अज्ञात पृष्ठ