तारीख मिस्र हादिथ
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
शैलियों
شكل 3-1: النسخة الأصلية لكتاب النبي إلى المقوقس زعم بعض المستشرقين أنه وجدها في الصعيد (راجع الهلال سنة 13 صفحة 103 و160). (1-2) فتح مصر سنة 18ه أو 640م
وكان عمرو بن العاص لا يفتر عن ترغيب الخليفة عمر بن الخطاب في مصر وافتتاحها؛ لأنه كان قد جاءها قبل أن يعتنق الإسلام، ورأى فيها من العظمة والمجد ما جعله شديد الرغبة في افتتاحها، وكان يقول له: «إنك إن افتتحتها كانت قوة للمسلمين، وعونا لهم، وهي أكثر الأرض أموالا، وأعجز عن القتال والحرب.» وكان الإمام عمر يتخوف من ذلك، ولا سيما بعد أن عقد المعاهدة بينه وبين هرقل، لكنه بعد أن نقضت - على ما تقدم - رأى أن يجيب طلبه فأنفذ إليه أن يسير بأربعة آلاف رجل أشداء، وقال له: «سر إني مستخير الله في سيرك، وسيأتيك كتابي قريبا - إن شاء الله تعالى - فإن أدركك كتابي آمرك فيه بالانصراف عن مصر قبل أن تدخلها أو شيئا من أرضها فانصرف، وإن أنت دخلتها قبل أن يأتيك كتابي فامض لوجهك، واستعن بالله واستنصره.» وكان ذلك بعد افتتاح بيت المقدس بأيام.
فسار عمرو بن العاص ومن معه قاصدا مصر، وهو يكاد لا يصدق أن أذن له بذلك. فلما بلغ رفح «وهي قرية تدعى الآن رفع تبعد نحو عشر ساعات عن العريش» حتى أدركه رسول من عمر، ودفع إليه كتابا فخاف أن يكون ذلك الكتاب مؤذنا بالانصراف عن مصر وهو لم يدخلها بعد، فأجل فتحه حتى يدخل أرضها، وكان إذ ذاك على مسافة يسيرة منها، فأمر بجد السير حتى أمسى المساء فسأل: أين نحن؟ فقيل له: في العريش، فعلم أنه دخل أرض مصر فأمر بالمبيت هناك، وعند الفجر نهض القوم للصلاة، وبعد إتمامها وقف عمرو وفي يده كتاب الخليفة ففضه بكل احترام وتلاه على الجمهور بصوت عال، وهو: «بسم الله الرحمن الرحيم من الخليفة عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص عليه سلام الله تعالى وبركاته. أما بعد، فإن أدركك كتابي هذا وأنت لم تدخل مصر فارجع عنها، وأما إذا أدركك وقد دخلتها أو شيئا من أرضها فامض واعلم أني ممدك.» فالتفت عمرو إلى من حوله قائلا: «أين نحن يا قوم؟» فقالوا: «في العريش.» فقال: «وهل هي من أرض مصر أم الشام؟» فأجابوا: «إنها من مصر.» فقال: «هلم بنا نعبر على خيرة الله تعالى.» وهكذا دخل عمرو بن العاص أرض مصر في أربعة آلاف رجل في السنة الثامنة عشرة للهجرة، وجعلوا يخترقونها جنوبا في قسمها الشرقي، وعددهم يزيد كل يوم ممن كان ينضم إليهم من القبائل البدوية التي كانوا يمرون بها في طريقهم.
فكان أول موضع قوتل فيه الفرما؛ قاتلت الروم قتالا شديدا نحوا من شهر، ثم فتح الله على المسلمين، وكان عبد الله بن سعد على ميمنة عمرو منذ توجه من قيسارية إلى أن فرغ من حربه. ثم تقدم عمرو وهو لا يقاتل إلا بالأمر الخفيف حتى أتى بلبيس فقاتلوه فيها نحوا من شهر حتى فتح الله عليه، وكان في بلبيس أرمانوسة بنت المقوقس حاكم مصر من قبل الروم، فأحب عمرو ملاطفة المقوقس استجلابا لوده فسير إليه ابنته مكرمة في جميع ما لها، فسر أبوها بقدومها كثيرا.
ثم سار عمرو وما زال حتى مر بجانب الجبل المقطم فأشرف على حصن بابل أو بابليون القائم على ضفة النيل الشرقية مقابل الأهرام العظيمة، وكان حصنا منيعا رفيع العماد
1
إلى شرقيه جبل المقطم راسخ، وعلى وجهه تجعدات تدل على قديم عهده، وبين الجبل والحصن بقعة من الأرض لا شيء من العمارة فيها إلا بعض الأديرة والكنائس.
ثم نظر إلى الغرب فإذا بالنيل منحدر أمام ذلك الحصن فيزيده مناعة، وإلى ما وراء النيل أرض قد كستها الطبيعة من جمالها حلة خضراء بين أعشاب وأشجار خصبة، وهي جزيرة الروضة، وكانت تعرف بجزيرة مصر، والماء محيط بها مدار السنة، ويقطع النيل بين الحصن وهذه الجزيرة جسر من خشب، وكذلك فيما بينها والجيزة يمر عليهما الناس والدواب من البر الشرقي إلى الجزيرة، ومن هذه إلى البر الغربي، وكان هذان الجسران مؤلفين من مراكب بعضها بحذاء بعض، وموثقة بسلاسل من حديد، وفوق المراكب أخشاب ممتدة فوقها تراب، وكان عرض الجسر الواحد ثلاث قصبات.
شكل 3-2: حصن بابل كما كان لما حاصره العرب.
وتطلع عمرو إلى ما وراء الجزيرة؛ فإذا بالأهرام العظيمة راسخة كالجبال، وقد أثقلت كاهل الدهر فعجز عن هدمها. ثم رمى بنظره إلى جنوبي الأهرام فرأى ببقايا منف العظيمة ترهب القلوب؛ لما يتجلى فيها من العظمة والفخامة، ومن جملتها أهرامها المعروفة الآن بأهرام سقارة.
अज्ञात पृष्ठ