तारीख मिस्र हादिथ
تاريخ مصر الحديث: من الفتح الإسلامي إلى الآن مع فذلكة في تاريخ مصر القديم
शैलियों
وكان الفقيه عيسى الهكاري معه فسعى مع المشطوب حتى أماله إليه، وقال له: «إن هذا الأمر لا يصل إليك مع عين الدولة والحارمي وغيرهما.» ثم قصد الحارمي، وقال: «هذا صلاح الدين هو ابن أختك، وعزه وملكه لك، وقد استقام له الأمر فلا تكن أول من يسعى في إخراجه عنه، ولا يصل إليك.» فمال إليه أيضا. ثم فعل مثل هذا بالباقين، وكلهم أطاع غير عين الدولة الياروقي فإنه قال: «أنا لا أخدم يوسف.» وعاد إلى نور الدين بالشام ومعه غيره من الأمراء.
فثبت قدم صلاح الدين، ومع هذا فهو نائب عن نور الدين، وكان نور الدين يكاتبه بالأمير الأسفهسلار، ويكتب علامته على رأس الكتاب تعظيما عن أن يكتب اسمه، وكان لا يفرده بكتاب بل يكتب: «الأمير الأسفهسلار صلاح الدين وكافة الأمراء بالديار المصرية يفعلون كذا ...» واستمال صلاح الدين قلوب الناس، وبذل الأموال فمالوا إليه وأحبوه، وضعف أمر العاضد. ثم أرسل صلاح الدين يطلب من نور الدين أن يرسل إليه إخوته وأهله. فأرسلهم إليه وشرط عليهم طاعته، والقيام بأمره، ومساعدته، وكلهم فعل ذلك، وأخذ إقطاعات الأمراء المصريين فأعطاهم أهله والأمراء الذين معه، وزادهم فازدادوا له حبا وطاعة. (11-11) مؤتمن الخلافة وصلاح الدين
فلما أجمع المصريون على حب صلاح الدين ظهر حساده، وأكبرهم مؤتمن الخلافة، وهو خصي كان بقصر العاضد، وإليه الحكم فيه، والتقدم على جميع من يحويه. فاتفق هو وجماعة من المصريين على مكاتبة الصليبيين، واستدعائهم إلى البلاد، والتقوي بهم على صلاح الدين ومن معه، وسيروا الكتب مع إنسان يثقون إليه، وأقاموا ينتظرون جوابه، وسار ذلك القاصد إلى البئر البيضاء فلقيه إنسان تركماني فرأى معه نعلين جديدين فأخذهما منه، وقال في نفسه: «لو كان مما يلبسه هذا الرجل لكانا خلقين فإنه رث الهيئة.» وارتاب به وبهما فأتى به صلاح الدين ففتقهما فرأى الكتاب فيهما فقرأه وسكت عليه.
وكان غرض مؤتمن الخلافة أن يتحرك الصليبيون إلى الديار المصرية فإذا وصلوا إليه خرج صلاح الدين في العساكر إلى قتالهم فيثور مؤتمن الخلافة بمن معه من المصريين على متخلفيهم فيقتلونهم، ثم يخرجون بأجمعهم يتبعون صلاح الدين فيأتونه من وراء ظهره، والصليبيون من بين يديه فلا يبقى لهم باقية. فلما قرأ صلاح الدين الكتاب سأل عن كاتبه فقيل: رجل يهودي فأحضر فأمر بضربه وتقريره فأسلم وأخبره الخبر، وأخفى صلاح الدين الكتاب، لكن مؤتمن الخلافة استشعر فلازم القصر، ولم يخرج منه خوفا، وإذا خرج لم يبعد من صلاح الدين، ولا يظهر له شيئا من الطلب لئلا ينكر ذلك.
فلما طال الأمر خرج من القصر إلى قرية له تعرف بالخرقانية للتنزه، فلما علم به صلاح الدين أرسل إليه جماعة فأخذوه وقتلوه وأتوا برأسه، وعزل جميع الخدم الذين يتولون أمر قصر الخلافة، واستعمل على الجميع بهاء الدين قراقوش، وهو خصي أبيض، وكان لا يجري في القصر صغير ولا كبير إلا بأمره فغضب السودان لقتل مؤتمن الخلافة للجنسية، ولأنه كان يتعصب لهم فحشدوا وجمعوا فزادت عدتهم على خمسين ألفا، وقصدوا حرب الأجناد الصلاحية فاجتمع العسكر أيضا وقاتلوهم بين القصرين، وكثر القتل في الفريقين.
شكل 9-13: آلة رمي قارورة النفط مشتعلة للإحراق.
وكان العاضد في هذه الوقعة يشرف من المنظرة. أما أهل القصر فلما رأوا كسرة السودان وعساكر مصر رموا على الغز من أعلى القصر بالنشاب والحجارة حتى أنكوا فيهم، وكفوهم عن القتال ، وكادوا ينهزمون. فأمر حينئذ صلاح الدين النفاطين بإحراق المنظرة فأحضر شمس الدولة النفاطين وأخذوا في تطبيب قارورة النفط ووضعوها في الآلة، وصوبوا بها على المنظرة التي فيها العاضد فخاف العاضد على نفسه، وفتح زعيم الخلافة باب المنظرة، وقال بصوت عال: «أمير المؤمنين يسلم على شمس الدولة، ويقول: دونكم، والعبيد الكلاب أخرجوهم من بلادكم.» فلما سمع السودان ذلك ضعفت قلوبهم وتخاذلوا. فحمل عليهم الغز فانكسروا، وركب القوم أقفيتهم إلى أن وصلوا سوق السيوفيين فقتل منهم كثير، وأسر منهم كثير، وامتنعوا هناك على الغز بمكان فأحرق عليهم.
وكان في دار الأرمن قريبا من بين القصرين خلق عظيم من الأرمن كلهم رماة، ولهم جار في الدولة يجري عليهم. فعندما قرب منهم الغز رموهم عن يد واحدة حتى امتنعوا عن أن يسيروا إلى العبيد فأحرق شمس الدولة دارهم حتى هلكوا حرقا وقتلا، ومروا إلى العبيد فصار هؤلاء كلما دخلوا مكانا أحرق عليهم وقتلوا فيه. إلى أن وصلوا إلى باب زويلة فإذا هو مغلق فحصروا هناك، واستمر فيهم القتل يومين. ثم بلغهم أن صلاح الدين أحرق المنصورة التي كانت أعظم حاراتهم، وأخذت عليهم أفواه السكك. فأيقنوا أنهم قد أخذوا لا محالة فصاحوا الأمان فأمنوا، وذلك يوم السبت في 28 ذي القعدة، وفتح لهم باب زويلة فخرجوا إلى الجيزة. فعدا عليهم شمس الدولة في العسكر وقد قووا بأموال المهزومين وأسحلتهم، وحكموا فيهم السيف حتى لم يبق منهم إلا الشريد، وتلاشى من هذه الواقعة أمر العاضد، ودعيت بواقعة العبيد.
ومن غرائب الاتفاق أن الذي فتح مصر للدولة الفاطمية وبنى القاهرة يدعى جوهرا، والذي كان سببا في زوال هذه الدولة وخراب القاهرة يدعى أيضا جوهرا الملقب بمؤتمن الخلافة.
فلما انتهت هذه الواقعة واستؤصلت جرثومة الفساد عاد صلاح الدين إلى السكون فولى أخاه طوران شاه قوص وأسوان وعيذاب مكافأة لما أظهره من البسالة في واقعة العبيد، وجعل البلاد المذكورة له إقطاعا فكان دخلها في تلك السنة 266000 دينار، وفي سنة 568ه خرج طوران شاه؛ لغزو بلاد النوبة، وفتح قلعة أبريم، فسبى وغنم، ثم عاد بعد أن أقطع أبريم بعض أصحابه، وفي سنة 569ه خرج إلى بلاد اليمن وفتحها عنوة، ولقب بالملك المعظم طوران شاه. (11-12) حصار دمياط
अज्ञात पृष्ठ