كان أقدم ملوك آشور تابعين لكلديا ثم استقلوا مع توالي الزمان ومدوا سلطانهم على بلاد الجزيرة كلها، ولما جاء تغلا ثفلاصر الأول (في حدود سنة 1130) أخضع بلاد الشام الشمالية وجزأ من البلاد الجبلية التي يخرج منها الفرات ولكن خلفاءه لم يتمكنوا من حفظ فتوحاته؛ فسقطت آشور مدة قرنين في مهواة العجز والانكسار. وقد حول اليونان تاريخ هذه الدولة الأولى الذي فيه اختلاط واختباط إلى أقاصيص وخرافات يدور الكلام على نينوس وسميراميس. (3)
ثم عادت الشوكة لآشور على يد ملكين مقاتلين مغازيين هما؛ آشورنازرهابال (من سنة 884 إلى سنة 860) وسلمناصر الثالث (من سنة 860 إلى سنة 824) وكان في مجالداتهم مع ملوك دمشق توطئة وتمهيد إلى إذلال الشام واستعباد أهاليها. (4)
ولكن ضعف خلفائه أوجب تأخير ذلك مدة قرن ونصف، فلما جاء تغلا ثفلاصر الثالث (من سنة 745 إلى سنة 726) وسرجون (من سنة 721 إلى سنة 704) تمما هذا الاستعباد وتملكا على تلك البلاد. (5)
وقد وصلت شوكة نينوي إلى منتهاها في عهد خلفائه، وهم سنحاريب (من سنة 704 إلى سنة 681) وأشرحدون (آشور أخي الدين) (من سنة 681 إلى سنة 668) وآشوربانيبال (من سنة 668 إلى سنة 625) وأخضع سنحاريب كلديا واستولى آشور أخي الدين على مصر وآشوربانيبال على عيلام، ولكن هذه الحروب المتوالية هدت قوى مملكة آشور وعجلت بخرابها.
يعرف أيضا بالبحر القزبيني، وببحر الخزر، وببحر الكسب.
الباب الثاني عشر
ذكر نابوكودونوزور وخراب بابل (1) تأسيس المملكة الكلدانية (في سنة 625) وخراب نينوي (في سنة 606) وذكر نابوبولاصر
كانت كلديا أول من انتفع من ضعف الملوك الآشوريين؛ فإنها كانت جزءا من مملكتهم منذ أيام سنحاريب، وقد حكم آشور أخي الدين وآشوربانيبال على بابل وعلى نينوي بالسواء، فلما مات آشوربانيبال في سنة 626 خلفه في الملك ولده سراقوس (آشوريتيليلاني) ولكنه لم يتمتع به زمنا طويلا؛ إذ قامت دولة قوية فجأة بجانب آشور على هضبة إيران وهي مملكة الماديين.
واغتنم رئيسها فراورتس فرصة حدوث الفتن التي تحصل عادة في الممالك الشرقية عقيب تغيير الملك، فنزل في حوض دجلة وزحف على نينوي فارتجت لذلك كلديا وقام بها الهيجان، فأرسل سراقوس على الثائرين جيشا عرمرما تحت إمرة أحد قواده وهو نابوبولاصر، فوضع هذا يده على مملكة بابل واستبد بها، وجعل نفسه ملكا عليها، وانضم إلى الماديين وأعلن الحرب على ملكه القديم (سنة 625) فنجت نينوي هذه المرة من الخراب؛ بسبب قدوم عشيرة رحالة نزالة من قوم السيتين (السكيثيين) أتت إليها بغتة فهزمت جيش الماديين وأبادته.
ولكن آشور خربت كلها وأحرقت أغلب مدائنها الملوكية؛ مثل كلخ والآشور، أو نهبت نهبا ليس بعده نهب. وبقيت نينوي بعد ذلك عشرين سنة أيضا وهي في الحضيض، ثم ما لبثت أن سقطت في يد أمم تحالفوا عليها، وطالما كانت وضعت قدمها فوق هامهم فإنه بينما كان نخاو يجد في انتزاع بلاد الشام منها (سنة 608) كان الماديون والبابليون محاصرين لها فدافعت دفاع الأبطال، ولم تسقط إلا بعد أن استمر الحصار ثلاث سنين، وكان سقوطها في سنة 606.
अज्ञात पृष्ठ