- الباب العاشر- في مصابرته للحرب ومباشرته لها
لما علم أن الجهاد من قواعد الإسلام الخمس ، وأن الظفر بالأعداء لا ينال إلا بشق النفس ، وأن الله تعالى فرض الجهاد على عباده ، وأجزل الأجر لمن بذل فيه (غاية) جهده واجتهاده ، وأحكم سبب الايمان باتصال سببه ، وجعله أحد اركان الدين الذي لا يتم الإسلام إلا به ، ورغب فيه كل الترغيب ، وخص المرابطين فيه بأوفى نصيب ، وأنزل في وصفه آيات بينات وأوضح من مفصل تفضيله جملا كافيات ، وحرض عليه عباده المخلصين ، ووعدهم عليه النصر لقوله تعالى وكان حقا علينا نصر المؤمنين. بذل نفسه النفيسة في مواطن القتال ، وسبق الأقران إلى النزال ، وصبرت عارفة لذلك (نفس) حرة ، ا/ وأثبت في مستنقع الموت رجله ميقنا من الله النصرة ، وصبر على كرهم واثقأ بما وعده الله من أن له الكرة ، لا يبالي في مأزق الحرب لقي واحدا أو ألفأ ، ويقدم من ثباته وإقدامه في صفين إذا كان أعداؤه صقا ، ويكر على الكتيبة لا يبالي حتفه فيها أو سواها ، ويبلغ نفسه في ملتقى الأقران مناها .
باشر الحرب دون الجيش مدرعا
درعا من الصبر لا درعا من الزرد
في كفه صارم ماض كعزمته
قاض بفرقة رآس الليث والجسد
ولو لم يكن من ذلك إلا قصده مصر لأخذها من الملك المنصور ، وفيها فوق العشرة آلاف فارس بستماية فارس كانت معه ، فتسلط عليهم بالفتك والاستجرا ، وأنكى فيهم النكاية التي كادت أن تأتي عليهم قتلا وأسرا ، لكن لم يكن له في قوس السعد منزع، ولا بلغ الأجل الذي وعد فيه بنيل ما إليه يتطلع .
पृष्ठ 317