ذكر توجه الأمير بدر الدين بكتوت الأتابكي إلى أطراف بلاد الروم كاشفأ ومغيرا
فيها ، في أواخر العشر الأوايل من المحرم ، سير مولانا السلطان الملك الظاهر بدر الدين بكتوت الأتابكي ومعه ألف فارس ، وأمره أنه إذا وصل حلب يستصحب معه منها عسكرا آخر ، ويتوجه إلى بلاد الروم ، وكتب على يده كتبأ إلى أمراء الروم يحرضهم فيها على طاعته والإنقياد إليه ، بما مضمونها :{ يأيها الذين آمنوا أطيعوا لله أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) ومن أطاعني حقن دمه وماله ، وربح الجنة ، ومن عصاني فلا يلومن إلا نفسه ، فإني إن أبقيت عليها فلي عليه المنة " . وكان السبب لهذه المكاتبة أن شرف الدين مسعود بن الخطير ، بعد سفر البرواناة في السنة الخالية إلى ابغا ، كتب إلى السلطان الملك الظاهر يحثه على الوصول إلى الروم بعساكره لينضم إليه والسلطان غياث الدين ومن في بلاد الروم من العساكر ، وبعث كتابه إلى الأمير سيف الدين جندر ، مقطع البلستين ، ليبعث به إلى السلطان الملك الظاهر . فلما وصل إليه دفعه لولده الأمير بدر الدين قوس ، وامره أن يتمسك به ولا يبعثه ، فلم يقف عند أمره ، وبعث بالكتاب إلى السلطان الملك الظاهر ، وكان الأمير شرف الدين ، لما بعث بالكتاب ، داخله الندم وخاف إن هو خرج من الروم ألايعود إليه فاردفه بكتاب إلى سيف الدين جندر يأمره بأن لا يبعث بالكتاب ، فاستدعى بولده وطلب منه الكتاب ، فأخبره أنه بعث به إلى السلطان ليكون له بذلك يد عنده . ولما وصل بدر الدين [ بكتوت] إلى البلستين ، صادف من عسكر الروم جماعة ، وكانتلالعادة أن يبعثوا كل سنة عسكرا برسم حفظ الطرق من عساكر الشام ، واتفق آن كان في العسكر الرومي الأمير مبارز الدين سوري آلجاش نكير وسيف الدين جندر ، وبدر الدين ولده ، وبدر الدين ميكاييل ، وعند وقوع نظره عليهم لم ينزل عن ظهر فرسه وكذلك من معه من العسكر ، فبعثوا إليه بإقامة جليلة ، وركبوا إليه وسألوه في االابقاء عليهم على أن يقتلوا من بالبلستين من التتر ، وأن يسيروا معه إلى أبواب مولا الاالسلطان ، فأجابهم إلى ذلك . فلما وفوا بما تكفلوا به قفل بهم على مولانا السلطان ، فوافاه بحارم ، فأقبل عليهم وأحسن إليهم.
पृष्ठ 154