** الناحية الاجتماعية :
اتسعت في هذا العهد هجرة المكيين باتساع الفتوح وعظم ثراؤهم ، فبدأت رؤوس الأموال تتضخم عما كان عليه الأمر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وبدأت تجارة قريش في مكة تتجاوز الحدود التي كانت تعرفها في عهد رحلتي الشتاء والصيف.
وتدفق المهاجرون من أنحاء الأمصار المفتوحة وتدفق بتدفقهم شيء من لغاتهم وكثير من عاداتهم فعرف المكي في طعامه بعض الألوان الجديدة واتخذ بعض الأردية التي قلدها في أواخر العهد الجاهلي بعد أن حذف منها الحرير الذي علمه القرآن تحريمه واستعاض عنه بالمبالغة في التصبيغ وتلوين الأثواب بالأحمر والمورد والأصفر الفاقع.
وبدأت مجالس السمر التي كان يتفنن المترفون في اعدادها تأخذ اشكال الحلقات يدرس فيها بعض العلوم وتتلى المواعظ ويحدث فيها أصحاب السير والمغازي أو يتبسط المتمولون في أحاديثهم فيها عن التجارة وأصناف السلع المجلوبة. وتعلمت مكة في هذه الأثناء معاني التوحيد في الحكم فنسيت التعصب لشيوخها في البطون والقبائل ودانت جميعها أول ما دانت لحكم عتاب بن أسيد فاعتبرته مصدرا وحيدا للأوامر والنواهي بعد القرآن والسنة بعد أن كانت في جاهليتها موزعة بين عشرات الشيوخ يحكمونها بشتى أنواع الحكم.
ودأب عتاب على الحدب عليهم وتوزيع عدله بينهم بالتساوي بصورة لم يعرفها المجتمع في مكة قبله ، وكان لهم من حلمه وتواضعه ما غمرهم به في بحبوحة من الأمن لا يخشون فيها عتوا من مستبد ولا ارهاقا من ظالم وظل الأمر على ذلك طيلة العهود التي تولاها عمال الخلفاء الراشدين فقد كان هؤلاء العمال يعرفون قربهم من مركز الخلافة وعلاقتهم بأصحاب الشأن في المدينة.
पृष्ठ 97