ذكروا أن عادا أرسلت في أيام العماليق وفدا يستقي لها من مكة فلما انتهوا الى مكة اقبلوا على الشرب واللهو والسماع (1) فإذا حفلت مكة باللهو والغناء من عهد العماليق فما بالها لا تحفل به وقد تطور ذوقها وتوافر لها غنى كان يسيل على أعطاف شبابها إذا تهادوا بين متنزهاتهم في الليط أو وادي فخ.
كانت بيوت مكة في هذا العهد يزدحم بالقيان ، وكانت النساء الأصيلات لا يحتجبن بل ويتبرجن التبرج الجاهلي الذي نعاه القرآن (2) وكن يشتركن مع الرجال في حفلات عامة يعزفن على الدفوف والمزامير وخاصة في ليالي
الأعراس (3) وكانوا مشهورين بالنصب «بسكون الصاد» وهو لون من الغناء الديني كان شائعا في حفلاتهم حول الأوثان وكان لأعيان الأمويين والمخزوميين وغيرهم من وجهاء البطون القرشية قيان تخصصن في اللهو والغناء وتقديم الشراب في مجالس الأنس ، ويذكر صاحب الأغاني أن أبا سفيان نصح قريشا أن ترجع في غزوة بدر فقال أبو جهل والله لا نرجع حتى نرى بدرا فنقيم عليه ثلاثا وننحر الجزر ونطعم الطعام ونسقي الخمور وتعزف علينا القيان!! وتسمع بنا العرب (4).
وفي تفسير قوله تعالى ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ) يقول صاحب الكشاف ان النضر بن الحارث كان يتصيد من يبلغه أنه يريد الإسلام فيدعوه إلى قينة له في بيته ويأمر أن تطعمه وتسقيه وتغنيه ليلهو
पृष्ठ 61