من أن تختصر على تغطية نفقات الدولة وأن لهم مطالب خاصة بهم لا تسعها الا المقررات الباهظة والواردات الضخمة.
على ان هذه الشكاوى من فداحة الضرائب لم تقف عند حد التذمر المحلي فقط فيما يظهر اذ لا بد أنها تعدت الى اوسع من ذلك حتى اتصلت بحاكم مصر شعبان بن حسين بن الناصر قلاوون المتولي عام 764 فأراد أن يفعل شيئا مفيدا لسياسة بلاده فقرر أن يكلف خزانة مصر بعض الهبات لحكومة مكة فيربح ثواب ذلك عند الله والتاريخ ويوثق الصلة بينه وبينها وقد أمضى ذلك فعلا لأننا نجد الفاسي (1) يذكر في حوادث سنة 766 أن سلطان مصر رسم لحكومة مكة ثمانية وستين ألف درهم من بيت المال وألف أردب قمح سنويا مقابل الغاء المكوس على الحاج في كل ما يحمل اليها من المتاجر عدا ما يصطحبه تجار الهند والعراق من البضائع وقد قبل عجلان صاحب مكة ذلك وطابت نفسه به.
ويلاحظ القارى انهم لم يدرجوا حاج الهند والعراق في المعفين من الرسوم ولعله يدرك أن السبب في هذا كون العراق هو القطر المنافس بالنسبة لنفوذ المصريين في مكة ومن المظنون أنه كان ينافس بتجارته تجارة الاقطار الاخرى والمصريين منهم خاصة ولا استبعد أن الحكومة العراقية كانت تكلف خزينتها كثيرا في سبيل عرض السلع الخاصة بها في مكة بأقل من أثمانها كما كانت تفعل اليابان في عز مجدها من سنوات سلفت كما لا أستبعد أن الهنود كانوا يستعملون لترويج بضائع العراق بجانب بضائعهم.
وقد ظل الغاء المكوس بالنحو الذي أسلفنا جاريا في مكة يعمل به جميع الأمراء الى مدة طويلة.
पृष्ठ 322