जुनून का इतिहास
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
शैलियों
في بادئ الأمر ظل إعلان 1662 حبرا على ورق في العديد من المدن ويعزى ذلك إلى نقص الموارد بالطبع، ولكن أيضا إلى تنازع الاختصاص بين الأساقفة، والمجالس النيابية، والقضاة الطبيعيين، والعمد وقضاة البلديات، وغيرهم. وهذا هو السبب وراء تجديد الأوامر الرسمية الصادرة في عام 1662 بقرار من مجلس الدولة صدر بتاريخ 3 يونيو 1673، وبخطاب تعميمي أرسله الملك في عام 1676 إلى الأساقفة والنظار وأرفق طيه نسخة من إعلان 1662. وفقا لما ورد في الخطاب الملكي، توجد حقا صعوبات فيما يتعلق بإنشاء تلك المشافي العامة، ولكن الوسيلة الأولى لتذليل هذه العقبات تكمن في أن يكون لدينا إيمان قوي بأننا نستطيع بالفعل التغلب على هذه المعوقات. ولذا مجددا، بعد مرور عام، أرسلت مذكرة طويلة إلى جميع المدن التابعة للمملكة «حتى يرى الناس أنه من السهل بناء مشاف عامة». تجدر الإشارة إلى أنه ببناء المشفى العام، أصبح الأصحاء من جديد موضع اهتمام وعناية، مثلهم مثل العاجزين: «من خلال هذه الوسيلة، يحصل جميع الفقراء على العون أيا كانت الفئات التي ينتمون إليها؛ الأصحاء والمرضى، والمتسولين، والذين ينظر إليهم باعتبارهم مصدرا للخزي والعار، والسجناء، والهراطقة، والمرتدين.»
بيد أنه لم تتضاعف عمليات إنشاء المشافي العامة في جميع أنحاء المملكة إلا اعتبارا من 1670-1680. وكانت تتم في الأغلب بناء على مبادرة من اليسوعيين، المبشرين الحقيقيين للاحتجاز. أما بالنسبة إلى أولئك المتشككين وأصحاب الرؤى الذين كانوا يتنبئون بفشل هذه المؤسسات على المدى القصير، فقد كان اليسوعيون يردون عليهم ببراعة قائلين إنه حتى لو لم تدم هذه المشافي «القائمة على التقوى» (أي على الدافع الخيري وحده) إلا أربعا وعشرين ساعة، فإنها ستكون قد أمدت الفقراء بالخبز طوال 24 ساعة. وهكذا سيكون اليسوعيون - خلال العقود الأخيرة من القرن السابع عشر - وراء إنشاء أكثر من مائة مشفى عام، سواء عن طريق البناء أو عن طريق إصلاح وترميم عدد لا بأس به من المنشآت الكائنة بالفعل. ولكن يجب ألا تخدعنا مثل هذه الأرقام؛ إذ سرعان ما ستطرح مسألة قابلية هذه المؤسسات للبقاء والاستمرارية. بالإضافة إلى ذلك، فإن المشافي العامة المحلية غالبا ما تكون ذات مساحة متواضعة للغاية؛ ومن ثم لا يمكن أن تستقبل إلا بضع عشرات من الأفراد.
الحركة في أوروبا
إن احتجاز المتشردين في أماكن يقترن فيها المساعدة والقمع تعد ظاهرة أوروبية واسعة النطاق. فقد سبق أن رأينا هذه الظاهرة في إيطاليا، حيث امتدت هذه الحركة لتشمل البندقية، وتورينو، وروما، تلك المدن التي كان يحتجز المأوى الرسولي بين جنباته 1100 شخص في عام 1726 (أغلبهم من المسنين المعوزين والأطفال الفقراء).
وفي إسبانيا، تعد أيضا ملاحقة المتسولين ممارسة قديمة للغاية، بالنظر إلى التدابير الأولى التي اتخذت في هذا الصدد والتي تعود إلى القرن الرابع عشر. في القرن السادس عشر، صدر عدد لا يحصى من المراسيم؛ مما يدل على أن الإجراءات المنصوص عليها في القوانين لم تدخل حيز النفاذ في إسبانيا، كما هي الحال في فرنسا. في نهاية القرن السادس عشر، أنشئت ملاجئ لإيواء الفقراء حيث كان يجري تجميع الفقراء في الليل مع السماح لهم بطلب الصدقة في أثناء النهار. كما تأسست منازل الرحمة، وإلحاقها، على نحو متزايد خلال القرن الثامن عشر، بإصلاحيات مخصصة للمتسولين الأصحاء سليمي البنية، وذلك مع رسوخ الفكرة القائلة بأنه من الضروري، وفقا للفكر المسيحي، التفريق بين البؤساء الحقيقيين والبؤساء المزيفين مع الاعتراف بأن أولئك الذين ينتمون إلى الفئة الأولى هم وحدهم من يستحقون العطف والشفقة العامة. وفي الواقع، كانت هذه المنشآت متواضعة المساحة وقليلة العدد. من بين جميع البلدان الأوروبية، تعد إسبانيا بالتأكيد واحدة من البلدان التي لم يطبق فيها الاحتجاز على نطاق واسع. ولكن أيتعين أن نرى في ذلك إدراكا أكثر تقليدية لمفهوم المحبة المسيحية؟
في إنجلترا، بإمكاننا إحصاء صدور 44 قانونا ضد التسول والتشرد في الفترة ما بين 1331 و1492 وحدها. تعددت مراكز الاعتقال وتنوعت ما بين السجون، والإصلاحيات (سجون صغيرة بالمقاطعات)، ومؤسسات التأديب والتهذيب والإصلاح الشبيهة إلى حد كبير بالمشافي العامة الفرنسية، وأخيرا دور العمل وهي عبارة عن دور لتشغيل الفقراء. في عام 1697، أنشئ أول بيت للعمل في بريستول. وقد نتج عن نجاح هذه المؤسسة ظهور منافسين لها، لدرجة أن معظم المدن في إنجلترا صارت تمتلك، منذ العقود الأولى من القرن الثامن عشر، بيوتا للعمل لإعالة الفقراء وتشغيلهم، ولا سيما بعد أن أضفى القانون الذي أصدره جورج الأول في عام 1722 طابعا رسميا على هذه المؤسسة، ونص أيضا على أن أي شخص يرفض دخول بيت العمل سيتم شطبه من سجل المعونات الرعوية. وقد اتبعت الإصلاحيات ودور العمل (في الواقع، ثمة تشابه كبير بين هاتين المؤسستين) نظاما صارما يتمثل في عدم تقديم غذاء كاف للأفراد، وتكليفهم بأعمال إلزامية شاقة، وفرض عقوبات بدنية عليهم. في أواخر القرن الثامن عشر، بدأت دور العمل تتحول إلى ملاجئ للفقراء مخصصة لاستضافة العاجزين، والمسنين، والمعوقين، والأطفال. وهنا أيضا امتلأت هذه الملاجئ بالعاجزين المعوقين أكثر من الأصحاء سليمي البنية.
في ألمانيا، نجد نوعا آخر من التأديب قريب الشبه بالمشفى العام أو بدار العمل، ومتمثلا في
le schallenwerk (وهو مصطلح يعني حرفيا «نواقيس العمل»، وقد أطلق عليه هذا الاسم لأن المتسولين الأصحاء كانوا يكلفون بجمع القمامة والتقاط القاذورات من الشوارع، وكان يتم تزويدهم بأجراس تحدث صوتا إيذانا بقيامهم بهذا العمل الكريه الرائحة)، هذا بالإضافة إلى السجن الذي كان يضم أولئك الذين أدينوا بتهمة ارتكاب جرائم بسيطة أو جنح، كما كان يؤوي المتشردين، وقد كانت هاتان الفئتان مفصولتين داخل تلك المؤسسة. وفي الواقع، انعكس التنوع السياسي الألماني على الحلول التي جرى اللجوء إليها لمعالجة مشكلة التسول. ففي ميونيخ، أنشئت مؤسسة لإعالة وتشغيل أكثر من 1500 فقير، وعند حلول المساء، كان هؤلاء يعودون إلى بيوتهم. في لايبزيج، استخدم أحد المشافي القديمة، وهو مشفى سان جورج الذي أعيد بناؤه في الفترة ما بين 1668 و1671، كملجأ أيتام وإصلاحية في الوقت نفسه. في دريسدن، كان لا بد من الانتظار حتى منتصف القرن الثامن عشر لنشهد إنشاء أول بيت للعمل.
ظهرت في المقاطعات المتحدة (هولندا) مؤسسات قريبة من دور العمل ، حيث يسود النظام الصارم والعمل الإجباري والعقوبات. كانت إحدى هذه العقوبات تتمثل في وضع المتسول السليم البنية العائد للإجرام في جوف بئر تمتلئ ببطء بالماء. وهكذا يتعين على المتسول أن يضخ الماء بلا توقف، لكي ينقذ نفسه من الغرق، مكتشفا في الوقت ذاته إن لم يكن مذاق الجهد فعلى الأقل قيمته. وربما يكون هذا المنهج قد تم اختباره جيدا لتحقيق فاعلية استثنائية. في أمستردام، وجنت، وبروكسل، وإيبر، سميت هذه الإصلاحيات بمنازل التأديب. كما كان يطلق عليها أحيانا منازل صقل الأخشاب، في إشارة إلى العمل الإجباري الذي كان يقتضي قشط نوع من الأخشاب المكسيكية كان يستخدم كصبغة حمراء. استنادا إلى المبدأ نفسه، سميت دور أخرى بمنازل الغزل. وامتدت الحركة عينها إلى السويد، وبولندا، وروسيا ...
بالطبع، لم يكن عدد المجانين داخل هذه المؤسسات أكبر منه خارجها، وفقا للهدف الأصلي. وعلى أي حال، يبين هذا إلى أي مدى لم يأت مرسوم 1656 كحدث مفاجئ أشبه بالصاعقة، كما يوضح أن السلطة الحاكمة لم تكن «تستهدف» (لاتخاذ لغة معاصرة لا تمت بصلة لروح العصر) «الجنون»، بل الكسل، وما ينتج عنه من كفر وخطورة.
अज्ञात पृष्ठ