जुनून का इतिहास
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
शैलियों
45
وبمناسبة إحدى القفزات العديدة لفكرة «التعديل الدنيء» (عام 2008، طرح مجلس الدولة تلك القضية المحرجة)، اقتحم جاك آلان ميلر المعركة بموهبته في الجدل. تسعى الدولة إلى الاستعاضة عن طبيب العائلات: «الذي يسمعكم» و«أمامه تستطيعون أن تكشفوا ذواتكم بكل حرية» ب «الطبيب التقني». «والحقيقة أن هذا الطبيب ليس طبيبا: إنما هو عامل للسيطرة الاجتماعية الكاملة، ويخضع هو ذاته لرقابة دائمة. أنا أعلم: يبدو وكأننا أمام مشهد خيال علمي، فحتى ستالين نفسه لم يجرؤ على فعل هذا الأمر. وبسيطرة تفوق أمن الدولة في ألمانيا الشرقية، يتم وضع ميكروفونات، ويأتي تقني ليراقب عمل أدمغتكم.»
46
نحن أمام تفسير جميل، ولكن بعيد عن القضية المطروحة في التعديل.
نتحدث اليوم عن «حرب الأطباء النفسيين» ... فالمحللون النفسيون يشنون حربا على المعالجين بالطرق البيولوجية والمعرفية ويتهمونهم بالرغبة في أن «يحلوا محلهم». أما الأطباء النفسيون، الذين تلاشت أخيرا الضغينة التي يحملونها للمحللين، فيتصارعون بالأحرى مع علماء النفس الإكلينيكيين على أرض الواقع في المستشفيات. فطريقة معالجة كل منهم للمريض مختلفة تماما، دائما في إطار ثنائية الطبيب/غير الطبيب. في الفريق العلاجي (على الأقل لا يزال موجودا)، يحتفظ الطبيب النفسي بالمسئولية والسلطة، بينما يتعين على علماء النفس إقامة روابط وعلاقة شخصية مع المريض (الذاتية المتبادلة)، وفجأة أصبح الأطباء النفسيون - الذين اقتصر دورهم على التشخيص - يحسدون علماء النفس على الحرية والوقت الذي يقضونه خلال العلاج الإكلينيكي. «في الواقع، دفع انخفاض عدد العاملين في الطب وزيادة الطلب وثقل عبء الإدارة هؤلاء المختصين (الأطباء النفسيين) إلى التخلي عن كونهم معالجين نفسيين، والتحول إلى خبراء يقوم عملهم على توزيع المهام. وسرعان ما أبعدهم دورهم الأساسي ، الذي هو إعادة توزيع العمل بين المتدربين وإدارة تنوع المواقع والأوضاع المهنية، عن مكانهم القديم «كممارسين عموميين نفسيين»؛ حيث كانوا هم من ساهموا في اختراع الطب النفسي وتحويله بفضل نظام القطاع.»
47
وعلى جبهة المستشفيات، كان على الأطباء النفسيين أن يتخلوا أكثر فأكثر عن المرتبة الأولى لصالح علماء النفس، بل وحتى الممرضين. باختصار، فإن من يرغب على الرغم من كل هذا في استكمال عمله الإكلينيكي (أي أن يصبح طبيبا) يتم إغراؤه بترك الخدمة العامة.
48
في الولايات المتحدة، بلغ عدد علماء النفس الإكلينيكيين 20000 عام 1980 في مقابل 26000 طبيب نفسي، وعلى مدار الأعوام استمر استقلال الأوائل. وفي هذه الدولة أولا رأينا طاقما صحيا من غير الأطباء يحل محل الأطباء النفسيين. فشخصية الآنسة راتشد - كبيرة الممرضات في «طار فوق عش المجانين» - هي التي تدير جلسات علاج جماعي ليست فقط على الشاشة.
كان جورج لانتري لورا (1930-2004) - الذي ذكرناه قبلا عدة مرات، وهو الطبيب النفسي، وأيضا الفيلسوف ومؤرخ الطب النفسي - قد ذكر أن الطب النفسي لا يمكن اختزاله بالكامل في الطب، متسائلا هو الآخر عما إذا كان يجب الاستسلام لفكرة اختفاء الطب النفسي لصالح المعالجين البيولوجيين وعلماء النفس، «التقنيين القادمين للاوعي والمعرفة والسلوك».
अज्ञात पृष्ठ