224

जुनून का इतिहास

تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا

शैलियों

واليوم في الحقيقة، تشهد إيطاليا إقبالا أقل على الرعاية النفسية؛ نظرا للظروف هناك. إن مناهضة الطب النفسي دمرت الطب النفسي، ولكنها لم تستطع أن تحل محله.

في فرنسا، انصهرت حركة مناهضة الطب النفسي قليلا في الثورة الثقافية في مايو 1968. وكما تشير مود مانوني، فإن خطاب مايو لم يكن يدور «كثيرا حول «المريض» بقدر الحديث عن الوضع المزري الذي وصل إليه. أيجب الاستمرار في حماية المجتمع ضد الجنون؟ أم هل حرية المريض عقليا هي التي يجب الدفاع عنها في مواجهة مجتمع لا يتقبله؟»

57

ولم يغب عن الأحداث الممارسون «المعارضون للطب العقلي» المناضلون في أغلب الأحيان منذ زمن طويل: دوميزون وبونافيه وسيفادون وتوسكيل وأوري ...

يتميز روجيه جينتيس - الطبيب والمحلل النفسي - بكتاباته اللاذعة التي جعلت منه أكثر الأطباء النفسيين الفرنسيين معارضة للطب النفسي في عصره. في عام 1970، ظهر كتابه «جدران المستشفى العقلي» الذي يقول فيه: «إن الأطباء النفسيين أنفسهم هم الذين يفقدون يوما بعد يوم إيمانهم بالطب النفسي، مثلما يتضاءل إيمان البرجوازيين بأيديولوجية طبقتهم.» فما فائدة الطبيب داخل المصحة النفسية؟ «فالطبيب عندما يقابل مريضا - إذا حدث - يكون اللقاء في مكتبه، في «عيادته». إن سلطة الأساطير مرعبة: فبعد عشرين عاما من تجربة المصحة العقلية، بعد ثلاثين عاما منها، ثلاثين عاما من الفساد والاختناق داخل فساد المصحة؛ لا يزال هناك أطباء يعتقدون في العلاقة بين الطبيب والمريض، ويؤمنون بمزاياها وسحرها العلاجي.» ويضيف جينتيس: «وماذا عن الممرضين؟» ألا يمارسون هم أيضا العلاج النفسي لساعات وساعات يوميا؟ وماذا عن الأدوية؟ إنها «المهزلة الكبرى»؛ فالمرضى لا يأخذونها إلا إذا أرادوا، والعاملون يتغاضون عن الأدوية إذا لم يكونوا موافقين على ما وصفه كبير الأطباء، أو في حالات المرضى المزمنين «الذين استقر وضعهم وحياتهم وليس هناك رغبة في تغيير هذا.» أليس المريض هو محط استغلال الجميع في المصحة؟ باختصار، فإن الأطباء «ليسوا عالمين بمجريات الأمور»، ولا يهتم أحد في المصحة بإعلامهم أي شيء. أما «الطب النفسي الحديث»، (الذي يتنكر للطب النفسي القديم ويشبه جينتيس ب «المؤيدين الجدد للاستعمار»)، فسيكون من الخطأ الاعتقاد بأنه سيتمكن من الاستغناء عن المصحة العقلية التي أصبحت مكتظة: «لا أحد يظن أن عقلية المصحة بسبب الرعب الذي يمارسه الطب النفسي تجاهها، والذي اتضح أنه ناجح معها، ستتغير بهذا الشكل، وأن الناس سيتقبلون الآن مثل هذا الأمر التافه الذي يعرفه الجميع منذ زمن طويل، متظاهرين بأنهم لا يعرفونه، بأن الجنون موجود في كل منا وأننا نحمله معنا منذ ميلادنا، ودونه لن نكون ما نحن عليه بالفعل.»

في عام 1973، في مقال «الطب النفسي لا بد من أن يمارسه ويتجنبه الجميع»، اتفق جينتيس على واقعية «تلك التجربة الضخمة التي تمثلها نوبة هذيان»، وضرورة «وجود أماكن لرعاية الجنون» بالتبعية. ونلاحظ أن لفظ «الجنون» - الذي رفضه الطب النفسي العقلي - عاد مرة أخرى إلى الظهور، فلم يكن يتبقى إلا التحرر من الألفاظ. وبأماكن رعاية الجنون، كان جينتيس يقصد «جمعيات تتولى مسئوليتهم». إلا أن الطب النفسي كان أمرا يخص الجميع مثل التعليم. فلقد أصبح وعدا بالحرية، بينما وعد الأمس لم يكن إلا «مزحة سيئة من التاريخ». وماذا عن التحليل النفسي؟ في ذلك الحين (نحن في عام 1973)، كان جينتيس أكثر تدقيقا، الأمر الذي ستغيره الأعوام المقبلة. ولاحظ أن المحللين قد ثبتوا أقدامهم في المؤسسة عن طريق القيام ب «التحليل النفسي من دون أريكة». ويؤكد أنهم في جميع الأحوال يسيرون في اتجاه التاريخ. ولكن، يجب ألا يكون التحليل النفسي حكرا فقط على المتخصصين، أو «الامتياز الممنوح للمثقفين البرجوازيين»، بل «وسيلة فعالة لقلب النظام الاجتماعي ولنشر حقيقة تحرير الرغبة.» وأصبح التحليل النفسي يتماشى إذن مع مناهضة الطب النفسي.

بعد مرور أربعة أعوام، لم يهدأ جينتيس - على الرغم من تفتت أحلام ثورة مايو 1968 - بل على العكس.

58

ماذا يرى في تجربته الجديدة للقطاع (الذي سنتحدث عنها لاحقا)؟ «كل ما تنطقون به إنما هو بؤس.» بؤس مادي وعاطفي وجنسي. ويندد جينتيس أيضا بالوحدة: «قد يكون من المفروض على من يمارس الطب النفسي أن يمارس تمارين للوحدة.» وفيما يخص المجتمع، «فهو مصحة للأمراض العقلية من الخارج» أو «مؤسسة لانتزاع روح المبادرة والمسئوليات من الأفراد، وهناك الكثيرون الذين يرون ذلك أمرا جيدا.» «إذا أردت أن تتحدث عن الصحة العقلية، فأخرج زجاجة المولوتوف خاصتك! فالمهووس على الأقل شخص يفكر قليلا بمفرده ولا يقبل بالطرق التي ترسمها له العقلانية المثبتة.»

كانت طريقة مود مانوني (1923-1998) أكثر اعتدالا.

अज्ञात पृष्ठ