जुनून का इतिहास
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
शैलियों
إن العلاج بالمياه، سواء كانت ساخنة أم باردة، في المغطس أم بدفعات المياه؛ له أثر شاف حقيقي من الهوس وجنون النفاس والعصاب، منذ العصور القديمة؛ حيث كان يستخدم الرش بالمياه الباردة بصورة طبيعية وكان يحقق نجاحات ساحقة ...»
60
كما يعد «الغمر بالمياه» أفضل وسيلة لعلاج الهذيان والرعشة ومرض الرقاص العصبي والهوس الجنسي و«نوبات الصرع حتى ذروتها»، وأيضا الهستيريا؛ وفي هذه الحالة يفضل استخدام الحمام البارد برشات متقطعة توجه على الجسم كله ما عدا الرأس. ويحذر جوزيف جراسيه (1849-1918) في ثمانينيات القرن التاسع عشر من أن العلاج بالمياه «عملية طبية حقيقية» يجب ألا يمارسها إلا المتخصصون. وبلغ نجاح هذه الوسيلة إلى حد علاج المصابين بالخرف عن طريق حمامات باردة توجه بطول العمود الفقري وإلى البطن. واستطاع بنديكت أوجستين موريل في عام 1850 علاج ما بين خمسين وستين مريضا في الساعة: يقف ستة مرضى بعد حكهم جيدا بإسفنجة رطبة، ثم يخضعون لاستحمام مشترك بواسطة خرطوم الحريق، ويكون الاحتكاك في سبيل تنشيط الدورة الدموية. في بداية حكم الجمهورية الثالثة، وحتى إذا كان استخدام خرطوم الحريق يبدو صادما، فإن العلاج بالمياه ظل محط تقدير، «فلم يكن هناك طبيب إلا ويمتدح فوائده.»
61
ولم ترتفع إلا أصوات نادرة من أطباء الأمراض العقلية للتشكيك في فعالية هذا العلاج المائي. وجازف أحدهم في عام 1874 بالقول: «لم يحدد بعد دور العلاج المائي في معالجة الجنون بطريقة ملائمة.»
62
ليس من المؤكد أن هناك مرضى عقليا يستطيعون التمييز بين الاستحمام كعقاب أو كعلاج. إنهم يشتكون منه في جميع الأحوال: «أمي العزيزة، إنهم يفعلون بي أشياء مستحيلة، ويخضعونني لحمامات رهيبة، إنهم يقتلونني.»
63 «إنه حمام لم أره من قبل، أربعة حمامات مريعة، بل ويزيدون من قوتها.» دائما ما تظهر في الحمام البارد العنيف فكرة العلاج بالصدمة التي ولدت في نهاية القرن الثامن عشر. في مطلع القرن التاسع عشر، تساءل طبيب الأمراض العقلية الإنجليزي ماسون كوكس عما إذا كانت غالبية الطرق العلاجية الخاصة بعلاج الجنون «لم تشتهر إلا بسبب الأحاسيس المؤلمة والسيئة التي تسببها للمرضى، وليس بسبب أي قدرة خاصة بها.»
64
وينصب ماسون كوكس نفسه وريثا حقيقيا للطرق العلاجية القديمة (ولكن ما هو الجديد في مجال علاج الجنون؟) عن طريق اعتماده على المقعد الدوار المسمى أيضا بطريقة «الدوران». وتضيف هذه الطريقة - المختلفة عن «الهزهزة» التي ظهرت في القرن الثامن عشر - إلى العلاج البسيط نوعا من الخوف والصدمة، اعتمادا على فكرة داروين التي تقول بأن الجنون يولد من حركات غير منظمة للألياف العصبية؛ ومن ثم فإن الدوران السريع للجسم من شأنه إصلاح هذه الفوضى. بينما ينصح الطبيب الأمريكي بنجامين روش (1746-1813) - وهو تلميذ كولين، معتمدا على نظرية مختلفة تقوم على أن الدوران يعمل على تقليل تدفق الدم إلى المخ - باستخدام الجيراتور أو الصدمات الكهربائية (وهو الذي وضع أيضا تصورا للمهدئ؛ وهو مقعد ثقيل يقيد به المريض وتعلوه علبة توضع فيها رأسه لإبعاده عن المثيرات الخارجية، وهو يشبه بطريقة مذهلة الكرسي الكهربائي). طبق ماسون كوكس نظام الدوران في إنجلترا، قاصدا إضافة مؤثرات ظلام وضوضاء غير عادية. وعلى نحو تجريبي، صنع إسكيرول أول كرسي دوار في فرنسا. إلا أنه سرعان ما أهمل استخدامه بسبب «بعض عيوبه»: قيء ونزيف أنفي ودوار وإغماء، بل وحتى سكتة دماغية. لقد بدت، بالطبع طريقة «الدوران» كوسيلة إرهاب. في ملاحظته الثانية والعشرين والأخيرة، يوصي ماسون كوكس بشأن إحدى مريضاته قائلا: «لم يكن من الضروري اللجوء للعلاج بالدوران إلا لخمسة أو ستة أيام، وبعدها أصبح يكفي فقط تهديدها به لكي تخضع لما نريده.»
अज्ञात पृष्ठ