जुनून का इतिहास
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
शैलियों
16
كما يعيب تقرير عام 1874 من جانبه أنه في بعض الحالات - حتى وإن كانت نادرة - تنزع سن أو أكثر للمرضى للسماح بدخول المسبار داخل فمهم: «إنها وسيلة وحشية لا يسعنا الموافقة عليها.» ولكن، سرعان ما أصبح المسبار البلعومي هو الوسيلة المتفق عليها في كل مكان. فكان يجري إدخاله عن طريق التجويف الأنفي وحتى فتحة الحنجرة، وفي بعض الأحيان حتى المعدة. وهناك العديد من المرضى الذين يقبلون تناول الطعام فقط خوفا من المسبار، فليس هناك ما يمنعه من الأكل، ثم التوجه مباشرة إلى دورة المياه ليتقيأ كل ما أكله. في النهاية، من لا يريد أن يأكل فلن يأكل، وسنرى لاحقا أثر هذا الأمر على نسبة الوفيات.
تدوم فترة الراحة والترفيه التي تعقب ذلك ساعة ونصف. بحلول الساعة الواحدة والنصف، بينما تعج المصحة بضوضاء الغسيل والتنظيف، ويستعد النزلاء من المرضى الأغنياء للتنزه في الحدائق وللألعاب الاجتماعية، يتوجه المرضى العاملون إلى ورش عملهم. أما المرضى العاجزون عن العمل، فإنهم يعودون إلى القاعة المشتركة (غرفة التدفئة القديمة؛ وسميت كذلك لأنها قديما كانت هي الغرفة الوحيدة التي بها جهاز للتدفئة). «يمكث هناك ثلاثون رجلا لمدة اثنتي عشرة ساعة يوميا [...] وفي غضون لحظات، أخرج من معي على الطاولة جميع أدواتهم السرية من علب ألوان وقوائم وآلة لف السجائر، وبدءوا في العمل. ونظرا لأنه لم يكن مسموحا لنا باستخدام أعواد الثقاب؛ كان يوقد قنديل غاز طوال اليوم لنتمكن من إشعال السجائر. وعلى الفور أحاط به البله، وأخذوا يذيبون الغراء للقيام بأعمال غاية في الأهمية، مثل تغطية نشافة المكتب بورقة نظيفة عن طريق لصق ورقة أخرى فوقها لئلا تتسخ، وأخرى على الورقة الثانية للسبب لنفسه. بينما انشغل آخرون برص أعقاب السجائر فوق جهاز التبريد. ومضى آخرون يتشاركون في هدوء في بعض جرائد الأطفال.»
17
تدق الساعة السادسة في الصيف أو الخامسة في الشتاء معلنة موعد وجبة المساء - مثل جميع المصحات - والتي تتكرر فيها كافة مراسم الوجبة الصباحية. وتتلوها استراحة أطول. ويكون هذا هو وقت السلام النسبي؛ حيث يخرج المرضى المسالمون - قبل التوجه إلى المهجع - للعب الورق أو الشطرنج أو الدومينو. بينما يحظر القمار بأنواعه كافة بتاتا ، إلى جانب أنه يمنع اللعب مع الحراس. لدى الرجال، يمكن إشعال الغليون أو السيجارة (في الواقع يكون الحارس هو من يشعلهما؛ لأن الثقاب والقداحة من الأشياء المحظورة تماما). بينما تعمل النساء في التطريز أو التريكو. أما المرضى الأغنياء - الأكثر ثقافة - فيمارسون القراءة. كما تتميز وسائل الترفيه عندهم بنوع من الرقي، فيمتلكون طاولة للبلياردو وبيانو. تفتخر مصحة شارنتون - من بداياتها - بروعة مكتبتها. إلا أن المكان - على حد وصف بعض الشهادات - يبدو أبعد ما يكون عن السكون؛ حيث يقرأ العديد من المرضى بصوت عال، بل ويصيحون، بينما قد يتشاجر آخرون ملقين بالكراسي والكتب.
وبحلول الساعة الثامنة في الصيف أو السابعة في الشتاء، يجب أن يكون المرضى جميعهم في الفراش. وتتلى صلاة قصيرة قبل الشروع في هذا الحدث الأخير في اليوم. ويعد هذا الأمر وقتا صعبا للحراس الذين يتعين عليهم «التأكد من خلود مرضاهم إلى النوم بلياقة وهدوء قدر الإمكان.» فيجري التفتيش على الملابس وإغلاق مكان حفظها بالمفتاح (فمن الصعب الهروب أثناء ارتداء ملابس النوم). كما تغلق النوافذ والأبواب بعناية. إلا أن مفهوم الفراش لا يزال يحدث جدلا؛ فقبل انتشار الفراش الحديدي في كل مكان، كان السرير الخشبي المقوى هو السائد، وكان يحتجز المريض بالمعنى الحقيقي للكلمة. في المقابل، حولت بعض المصحات الخاصة هذه الأسرة إلى نوع من الخزانات الشفافة التي تغلق بمفتاح طوال الليل، وبالتالي فهي تترك مكانا لمزيد من الأسرة داخل المهجع. إلا أن هذا النظام لاقى هجوما بالإجماع من المفتشين، مثله مثل نظام الستائر الذي كان «يمنع تجديد الهواء ويجعل المراقبة أكثر صعوبة».
يتنافس أطباء الأمراض العقلية في المهارة، ويسعون للتعريف باكتشافاتهم في الدوريات الطبية المختلفة. ولقد وضع الطبيب ليلو بمصحة سالبيتريير تخيلا لفراش مخصص لمرضى الصرع. فكان فراشا معدنيا شديد العمق (يشبه الجرن)، ويمكن نزع وتركيب جانب الرأس وجانب القدمين لإخراج المريض أو إدخاله بسهولة. «وتوضع عليه وسادات سميكة، ويمكن ترك المرضى فيه أثناء أعتى النوبات التي قد تصيبهم دون أدنى خطر عليهم.»
18
أما فيما يتعلق بإجبار الخرفين على النوم، فلقد خصصت الكثير من المؤلفات لهذا الصدد. وفي غالبية الأحيان، استخدم سرير يمتلئ قاعه بأخاديد يؤدي منحناها إلى ثقب يسمح بخروج البول إلى داخل درج من الزنك. في المجمل، يكون القاع مصنوعا من القش الرقيق، «وليس من القش الخشن لئلا يجرح المريض».
19
अज्ञात पृष्ठ