जुनून का इतिहास
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
शैलियों
18
فلم تعد خطورة المريض وحدها ضرورية لتقديم طلب باحتجازه، ويبدي الكثير من المحافظين ندمهم على عدم بقاء الحال كما كانت في السابق، خاصة مع استحالة العودة إلى ما كان. «إذا لم تقف السلطة دون هوادة ضد التجاوزات التي تتفشى دائما، فستكتظ مصحات الأمراض العقلية بكافة أنواع البشر المعتلة نفسيا وكافة العقليات المشوشة - وهي كائنات تعيسة - التي تسبب الحرج والتقزز للمسئولين عنها من عائلاتها، دون أن تشكل في واقع الأمر أي خطر أو قلق للمجتمع.»
19
باختصار، ينتقد جميع المحافظين تقريبا أن طالبي الاحتجاز (العائلات وأيضا الإدارات المحلية ) يعدون مصحات الأمراض العقلية أماكن للاستضافة والإيواء. إلا أن كل هذا لم يكن من اختصاص إدارة التمويل العام. وبالتالي، بلغت نفقات خدمة المرضى عقليا في كالفادوس - في الفترة من عام 1841 وحتى 1905 - 5,7٪ في المتوسط من إجمالي الميزانية الخاصة بالمنطقة، وهو أمر بالغ الخطورة، ولا سيما أن عدد السكان كان يقل في ذلك الوقت، لدرجة أن التكلفة زادت أربعة أضعاف للفرد.
20
لاقت الزيادة الهائلة في عدد المصحات عائقا من جهة الإدارة ذاتها - أثناء فوكو وما بعده - فيما يتعلق باحتجاز المرضى بدافع المجاملة أو تعسفا. ومنذ القرن التاسع عشر، لم يعد المحافظون يقبلون - كما رأينا - استمرار الوضع كما هو. بدأت البلديات تتذمر من الدفع، خاصة وهي مجبرة في الغالب على دفع حصتها من خلال التسجيل في ميزانية البلدية. والعائلات أيضا كانت ترغب في إرسال مريضها عقليا ولكن دون أي نفقات؛ مما يعني قيامهم بإخفاء دخولهم الحقيقية. كما تسبب ارتفاع تكلفة إقامة المرضى الفقراء إلى ثلاثة أضعاف في نوع من التذمر العام إزاء الدفع. وباتت تكلفة الرعاية الصحية العقلية ضخمة. وابتداء من عام 1840 - أي في أعقاب التصويت على قانون عام 1838 - أسهب وزير الداخلية في الحديث عن أماكن إيداع المرضى عقليا غير الخطرين، مؤكدا بالطبع أن القانون يشمل جميع المرضى عقليا، ولكن تبعا لشروط تحددها المجالس العامة. باختصار، أصبح من الواضح أن أماكن إيداع المرضى عقليا ليس مكانا عاديا مثل أي مكان أو إدارة أخرى، ومن ثم فإن طلبات الإفراج لا بد من أن تحظى بمرونة أكبر .
وعني المحافظون ورؤساء الأحياء بتصفية وفرز طلبات الاحتجاز. وهكذا، في عام 1921 بلوفيني بالقرب من كاين، تقدمت سيدة وصية على امرأة تبيع البقول - شبه متشردة ومقيمة بالمنطقة - بطلب لاحتجازها كمريضة عقليا، مشيرة إلى إدمانها الكحول وقيامها ببعض السرقات من حدائق المنطقة وحياتها البائسة في كوخ قذر. وفي خطابه للمحافظ، أعلن رئيس البلدية موافقته على كل هذا، ولكنه قرر أنه لا يوجد خطر منها على الأمن العام، وبالتالي «فلا يوجد داع لاحتجازها».
21
وزادت الردود من هذا القبيل بصورة واضحة خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر وأيضا العقود الأولى للقرن العشرين.
لا يمنع هذا من الإشارة إلى أنه مع الانتقال التدريجي من فكرة الأسرة الكبيرة والريفية إلى الأسرة الصغيرة الحضرية المحدودة، لم يعد للمرضى عقليا مكان بين ذويهم. في «ذكريات الطفولة والشباب» لإرنست رينان - عام 1883 - يروي بصيغة الماضي قصة «مجانين تريجييه»: «بدلا من حبسهم، كانوا يتركون يتجولون طوال اليوم. كانت الناس تحبهم، وكانوا هم يقومون ببعض المساعدات.» كان أحد هؤلاء المجانين يعتقد أنه كاهن، وكان يقضي أياما في الكنيسة: «كانت الكاتدرائية مملوءة طوال الظهيرة بهمهمة ترانيمه، كانت هي صلاة المجنون المسكين التي تساوي الكثير. كان لدى الناس الذوق والحس الراقي في تركه يفعل ما يشاء، وعدم اللجوء لتمييز سخيف بين البسطاء وعامة الشعب الذين يأتون ينحنون أمام الله.» وفي رواية «الكونتيسة سيجور»، تفقد الأخت جريبوي مكانها لكونها - على الرغم من الضغوط الممارسة ضدها - رفضت استغلال قانون عام 1838 لإيداع شقيقها البسيط العقل إحدى المصحات، بعد أن أقسمت على ألا تتخلى عنه. ولنذكر قول دوستويفسكي المأثور: «ليس عن طريق حبس جارك، تتيقن من رجاحة عقلك» بالطبع!
अज्ञात पृष्ठ