जुनून का इतिहास
تاريخ الجنون: من العصور القديمة وحتى يومنا هذا
शैलियों
على طرفي نقيض من الحمى التصنيفية التي اجتاحت عصره (وهي التي سنتوقف عندها لاحقا)، يرى لازيج أن ما يعد بالأحرى أكثر أهمية الآن، بدلا من التنويع اللانهائي للجنون، هو الانشغال ب «درجة العقل» لدى المرضى عقليا من خلال تصنيفهم «بحسب نسبة العقل الإجمالية الثابتة.» ولقد طرح للمناقشة أيضا مسألة شخصية الطبيب نفسه، التي يثير تنوعها، في رأيه، مشاكل متعددة باختلاف المرضى. أهي معرفة مسبقة بنقلة عكسية انفلت زمامها لدى لوريه؟ «من المؤكد أنه كان على الطريق الصحيح»، هكذا يختتم جاك بوستيل كلامه مذكرا بأن لازيج - بتوجيه مسيرته المهنية نحو الطب الشرعي (سيشغل لمدة 23 عاما منصب «طبيب الأمراض العقلية بقسم الشرطة»، «المشفى الخاص» المستقبلي) - لم تكن أمامه فرصة كبيرة لانتهاج سبيل المعالجة النفسية، الذي كان قد تنبأ به جيدا.
الجزء الخامس
العصر الذهبي للطب العقلي
الفصل الأول
قانون 1838 الخاص بالمرضى عقليا
بينما كانت ملامح الطب النفسي تتشكل، ظل الجنون والقدرة على السيطرة عليه من الأمور القائمة على أرض الواقع، بينما تزايدت الهوة أكثر من أي وقت مضى بين النظرية والتطبيق. لقد رأينا أن الثورة أجلت المسألة إلى أجل غير مسمى، وأهملت معالجة الوضع الحرج الذي وصلت إليه الأمور. ومع ذلك، فإن أحدا لم يعد النظر في اعتقال المرضى عقليا، على الرغم من أن هذا الاعتقال لا يرتكز على أي أساس قانوني أو إداري. وهكذا ظهرت معضلة جديدة، نابعة من التأكيد لمذهب قابلية الجنون للشفاء: ينبغي منع المرضى عقليا من إحداث ضرر (بما في ذلك لأنفسهم)، ولكن لا بد أيضا من معالجتهم، وأن يتم ذلك داخل المؤسسة نفسها. وقد شجب تقرير صادر عن الإمبراطورية هذا الوضع بوضوح: «من الصعب جدا أن نحدد ما إذا كان يجب اعتبار مؤسسات المختلين عقليا دور احتجاز أم بالأحرى بيوت إيواء؛ إذ إن وظيفة هذه المؤسسات تقتضي من جهة احتجاز الأفراد الذين يضرون ربما المجتمع، ومن جهة أخرى، توفير سبل الشفاء للأفراد المرضى.»
1
في العقود الأولى من القرن التاسع عشر، برزت هذه الفجوة المؤسسية من خلال ذلك الصراع الذي بدأ يتفاقم بين السلطات: السلطة القضائية، والسلطة الإدارية التي كانت مهمتها تتمثل - من القائد العام للشرطة إبان عصر التنوير إلى المحافظ في عهد الإمبراطورية - في تنظيم كل ما يمس الحياة العامة (بالنسبة إلى المجنون ما يتعلق بالسلامة العامة أو بالمساعدة)، وأخيرا السلطة الطبية، التي أرضت غرور القضاء بإعطائه سلطة تقرير متى يكون المرء مجنونا، ومتى لا يكون كذلك. وإذا أضفنا، إلى هذا الخلط بين السلطات، التعثر المالي المتوطن الذي يؤثر بالسلب دائما على المساعدة - بما في ذلك مساعدة المرضى عقليا - فسنفهم سبب تأخر صدور تشريع بشأن المرضى عقليا. ولكن ما أهمية إصدار قانون مماثل؟
تقييم الوضع
ينبغي أن نتساءل كيف كان الوضع في نهاية عهد الإمبراطورية وإبان عصر عودة الملكية. يكفي القول إنه لم يكن ممتازا. ففي عام 1818، أجري تقييم شامل، ونشرت نتائجه في «التقرير المرفوع إلى الملك بشأن وضع المأوى، والأطفال اللقطاء، والمرضى عقليا، والتسول والسجون» على النحو التالي: «من بين جميع الإعاقات التي تصيب الإنسان، يأتي الاستلاب العقلي في المرتبة الأولى التي تستحق أكبر قدر من الاهتمام؛ نظرا لأنه يحرم الإنسان من جميع ملكاته، كما أنه يصيب جميع الأعمار، وشتى الطبقات، في مختلف الظروف. ومع ذلك، لم نوله إلا أقل القليل من الاهتمام في مجال تقديم المساعدات [...] ولم تطل التحسينات الكبيرة التي أدخلت على نظام المشافي إلا القليل من الأماكن المخصصة للمرضى عقليا.» ومرة أخرى، تمت الإشارة إلى إنجلترا التي أصبحت مثلا يحتذى به في هذا المجال. «لا يمكن لفرنسا أن تظل في الخلف.» تلا ذلك بيان بخصوص «احتجاز المرضى عقليا»: ورد فيه أن عددهم يتراوح ما بين ثمانية إلى تسعة آلاف، وهم موزعون على 24 مأوى ومشفى، و15 مستودع تسول (وهناك العديد من الحالات التي لم تسجل؛ لأن الجميع لم يقم بإرسال البيانات المطلوبة لهذه الدراسة الاستقصائية)، بالإضافة إلى عدد غير محدد من دور الإيواء الصغيرة والسجون. وإذا أضفنا إلى ذلك المؤسسات الخاصة، التي لم يذكر بشأنها أي شيء، فسنجد تقريبا الانتثار نفسه لأماكن الاحتجاز الموروث من النظام القديم. كانت شارنتون، التي لم تخل من الانتقادات، تضم من 430 إلى 440 «مختلا»، أما مؤسستا سالبيتريير وبيستر، اللتان أدخلت عليهما «تحسينات كبيرة»، فكانتا تضمان 1200 و550 مختلا عقليا. وهكذا كانت المؤسسات الثلاث الكبرى في باريس تضم وحدها 43٪ من إجمالي المرضى عقليا المحتجزين في فرنسا. ومن بين المصحات السبع التي خصصت في الأقاليم للمرضى عقليا، يعد أهمها مشفى ماريفيل، الواقع بالقرب من نانسي، والذي بلغ عدد المحتجزين به 250 شخصا. وفي عام 1814، تأسس مشفى ماريفيل باعتباره «مشفى مركزيا للمرضى عقليا» في المقاطعات التالية: مورت، وأردين، ومارن العليا، وموز، وفوج، وموزيل، والراين السفلى، وسون العليا ودو. بيد أن المستودعات ودور الإيواء هي التي كانت على وجه الخصوص موضع انتقاد في تقرير 1818: «في كل مكان تقريبا، كان المختلون عقليا يشغلون المباني النائية الأكثر انعزالا، والأقدم، والأشد رطوبة، والأقذر. وكانت الزنازين، التي يطلق عليها حجيرات، بلا تهوية، وضيقة، وذات أرضية مبلطة بالحجارة كالشوارع. كما كانت توجد غالبا في مستوى أكثر انخفاضا من سطح الأرض، وفي بعض الأحيان داخل أنفاق تحت الأرض أشبه بالسراديب. ولم تكن هذه المساكن تشتمل عادة على أي فتحات باستثناء الباب وثقب مربع أعلى الباب نفسه، ولم يكن الهواء يتجدد داخلها، كما لم يكن النظام والطعام ملائمين على الإطلاق لحالة المرضى. لم يكن المرضى عقليا يملكون المساحة اللازمة للتنزه. وكان يتم دائما احتجاز مرضى الهياج العصبي؛ حيث كان هؤلاء الأشقياء يتركون في كثير من الأحيان فريسة لنزوات القائمين بالخدمة وقسوتهم.»
अज्ञात पृष्ठ