विश्व आर्थिक इतिहास: एक बहुत छोटा परिचय
التاريخ الاقتصادي العالمي: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
لفهم أسباب فقر أفريقيا اليوم، يجب أن نفهم أسباب فقرها عام 1500. يعتمد التفسير على الجغرافيا، والديموجرافيا، وأصل الزراعة. حددت البنية الاجتماعية والاقتصادية في عام 1500 طريقة استجابة القارة للعولمة والاستعمار؛ وطريقة الاستجابة هذه هي ما أبقت على فقر القارة منذ ذلك الحين.
أفريقيا ومسألة الفجوة الكبرى
كانت منطقة أفريقيا جنوب الصحراء فقيرة في عام 1500؛ نظرا لأنها لم تكن حضارة زراعية متقدمة، ولم يكن هناك سوى حضارات زراعية متقدمة قليلة فقط في أوروبا الغربية والشرق الأوسط وبلاد فارس وأجزاء من الهند والصين واليابان. كانت دول هذه المناطق في وضع يسمح بوقوع ثورة صناعية فيها، بخلاف بقية دول العالم - بما في ذلك أفريقيا - ولهذا السبب لم يتضمن النقاش حول مسألة الفجوة الكبرى القارة الأفريقية.
توفرت لدى الحضارات الزراعية العديد من المميزات التي باعدت بينها وبين أفريقيا؛ مثل وجود زراعة منتجة، وتصنيع متنوع، وموارد مؤسساتية وثقافية لازمة للنمو الاقتصادي الحديث. شمل ذلك الملكية الخاصة للأراضي والعمال من غير مالكي الأراضي، فضلا عن العوامل الثقافية المصاحبة اللازمة لتنظيم الملكية والتجارة؛ مثل مهارات الكتابة ومسح الأراضي والهندسة وعلم الحساب وأدوات القياس والأوزان القياسية والعملات ونظام قانوني يقوم على أساس الوثائق المكتوبة، ووجود مسئولين يتولون إدارة هذه الوثائق. كانت هذه العوامل الثقافية ضرورية لدعم تقدم التجارة ولتطوير التعليم والرياضيات والعلوم، ولظهور الاختراعات ونشر التكنولوجيا الحديثة. كانت منطقة أفريقيا جنوب الصحراء تفتقر إلى هذه الشروط المسبقة، كما افتقرت إليها كثير من مناطق جنوب شرق آسيا وأستراليا ونيوزلندا وشمال أوراسيا وبولينيزيا والأماكن غير كثيفة السكان في الأمريكتين.
تأثر مسار أفريقيا التاريخي بطبيعة الزراعة المبكرة وبعلاقتها بالسكان. في حوالي عام 3000 قبل الميلاد، جاءت الخراف والماشية للمرة الأولى قادمة من منطقة الشرق الأوسط للرعي في منطقة الصحراء (التي كانت أقل جفافا مما هي اليوم)، وكان القمح والشعير يزرعان في وادي النيل وعلى الهضبة الأثيوبية. لاحقا، توسع الأثيوبيون في مجموعة النباتات التي كانوا يزرعونها، فصاروا يزرعون التف ودخن الأصبع والسمسم والخردل ونبات الإينسيت والبن. تطورت وسائل زراعة مختلطة حيث كانت المحاريث التي تجرها الثيران تحرث الحقول التي كان روث الخراف والماشية يستخدم كسماد لها، كانت هناك أيضا استثمارات في أساليب عمل المدرجات الزراعية والري. كانت أثيوبيا هي الدولة الوحيدة في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء التي طورت حضارة زراعية متقدمة. وبين حوالي عامي 2000-1500 قبل الميلاد ، صار الدخن والذرة الرفيعة يزرعان بالقرب من منطقة بحيرة تشاد، وكان المزارعون يربون الخراف أيضا، غير أن الزراعة المختلطة لم تمارس مثلما كانت تمارس في أثيوبيا. وإلى اليوم، تزرع الذرة الرفيعة والدخن من خلال أنظمة متغيرة تستخدم فيها المعاول بدلا من الثيران والمحاريث. وفي النهاية، شكلت البطاطا وزيت النخيل أساس الزراعة في منطقة الغابات المطيرة، وزرعت البطاطا في نيجيريا حيث تمثل محصولا زراعيا مزدهرا إلى اليوم. غابت تربية الماشية؛ حيث نفقت الجياد والماشية والخراف جراء الإصابة بمرض النوم الذي حملته ذبابة تسي تسي التي تعيش في مناطق الغابات المطيرة.
كان نظام الزراعة في منطقة غرب أفريقيا يستفيد من الفرص الجديدة أنى توافرت. بين القرنين الأول والثامن الميلاديين، جرت زراعة محاصيل جديدة قادمة من آسيا، منها الموز وموز الجنة (لسان الحمل) والبطاطا الآسيوية والقلقاس والبقوليات. وفي القرن التاسع عشر، ازدادت القائمة كثيرا مع زراعة الذرة والكسافا والفول السوداني والتبغ القادمة من الأمريكتين، وسرعان ما صارت هذه المحاصيل محاصيل «تقليدية»، مما يبين مدى عبثية مبدأ «التقاليد الثابتة» كتفسير لفقر القارة الأفريقية.
أدت زراعة المحاصيل إلى قيام قرى زراعية دائمة، وإلى ارتفاع معدلات المواليد في أفريقيا مثلما ارتفعت في كل مكان حول العالم، وفي منطقة المرتفعات الأثيوبية - التي تغيب عنها أمراض المناطق الاستوائية - زاد عدد السكان سريعا. ومع شح الأراضي، لم تملك الدولة والطبقة الأرستقراطية سوى تأجير الأراضي أو فرض الضرائب عليها لتوفير مصادر التمويل اللازمة لها. خضعت الأراضي ذات الملكية الجماعية للخصخصة، وظهرت طبقة العمال الذين لا يملكون أي أراض كأفراد فقدوا حق الزراعة حيثما أرادوا. أقيمت مملكة ديموت في شمال إثيوبيا وإريتريا في القرن الثامن قبل الميلاد، كانت الزراعة في هذه المملكة تقوم على الحرث والري، وكان الحديد معروفا فيها، وكانت لغتها مكتوبة. وخلفت مملكة ديموت مملكة أكسم التي كانت أعظم منها.
ظل نمو التعداد السكاني في أفريقيا محدودا؛ لأن الأمراض الاستوائية جعلت معدلات الوفيات مرتفعة. ظهرت أكثر صور قاتلة من مرض الملاريا والبعوض المصاحب للمرض («المتصورة المنجلية» و«الأنوفيلة الجامبية ») في الوقت نفسه تقريبا الذي بدأ فيه مزارعو البطاطا في إزالة الأشجار من الغابات المطيرة تمهيدا لزراعتها، وربما أسهمت عمليات إزالة الغابات هذه في تطور المرض، كما لعبت الأمراض الاستوائية الأخرى مثل مرض النوم دورا في ارتفاع معدلات الوفيات.
ظلت منطقة غرب أفريقيا منطقة تتوافر فيها الأراضي الصالحة للزراعة بكثرة، وكان نمط الزراعة المتنقلة هو الاستجابة المناسبة لهذه الظروف، ومن أمثلة الجماعات التي مارست هذا النمط من الزراعة جماعة ياكو التي كانت تعيش في منطقة الغابات المطيرة في شرق نيجيريا، وكانت تعتمد على البطاطا كمادة أساسية في غذائها. في ثلاثينيات القرن العشرين، كانت قرية أومور التي تعيش فيها جماعة ياكو تمتلك 40 ميلا مربعا من الأراضي الصالحة للزراعة، ولكن لم يزرع من هذه الأراضي إلا ثلاثة أميال مربعة سنويا. بعد موسم الحصاد، كانت الأراضي تترك لتستعيد خصوبتها لمدة ست سنوات، وكانت أراض أخرى تمهد لزراعتها. ومع السماح بإراحة الأرض، لم يكن يستخدم سوى 21 ميلا مربعا فقط من إجمالي 40 ميلا مربعا صالحة للزراعة، فيما كانت تترك المساحة المتبقية للأطفال أو لكل من يحتاج إلى أرض؛ ومن ثم، لم تكن هناك طبقة من العمال الذين لا يملكون أراضي في القرية، مثلما لم يوجد طلب على الأراضي لشرائها أو استئجارها، حيث كان يستطيع أي شخص إزالة الغابات عن أي مساحة من الأراضي دون التعدي على ملكية أحد.
لم تتطلب زراعة البطاطا واستخلاص الزيت والنبيذ من النخيل عملا كثيرا، وكانت توفر ما يكفي من الغذاء للبقاء على قيد الحياة. يبين الجدول
अज्ञात पृष्ठ