ومنهم المولى خطاب بن أبي القاسم القره حصاري، قرأ أيضا في البلاد الشامية وله شرح نافع على منظومة الشيخ عمر النسفي في الخلافيات.
ومنهم مخلص بابا من بلاد قرامان، وكان يرافق السلطان عثمان في فتوحاته.
ومنهم ابنه عاشق باشا وكان عابدا زاهدا متصوفا.
ومنهم ابن عاشق باشا المذكور وكان أيضا على قدم الصلاح نظير آبائه.
ومنهم العارف بالله الشيخ حسن وكانت له زاوية ببلده بروسة.
وكان أكبر أولاد عثمان علاء الدين إلا أنه كان مشغوفا بالعلم محبا للعزلة، فعهد عثمان بالملك لولده أورخان ، فعرض أورخان على أخيه الأكبر قسمة الملك، فأبى علاء الدين وأراد الاعتزال جانبا واختار أن يقيم على ضفة نهر «نيلوفر» الجاري في مرج بورسة، فعرض عليه أورخان نصف قطعان الغنم التي خلفها لهم أبوهم فرفض أيضا، فقال له أورخان: من حيث إنك رفضت أن تأخذ حصتك من الغنم والبقر والخيل، فإني أعرض عليك أن ترعى رعيتي وتكون وزيرا لي. فلم يسعه إلا القبول وصار وزيرا لأخيه وأحسن الإدارة. وكان عثمان لم يضرب السكة باسمه فالذي ضربها هو ولده علاء الدين في أيام أخيه أورخان، ثم جعل علاء الدين للمملكة جيشا دائما، ولكن هذا الجيش لم يطل أمره، فاتفق أورخان وأخوه علاء الدين على حله، واعتمدا على طريقة أخرى أشار بها خليل جندرلي، وهي تأسيس وجاق الانكشارية، وكانوا يأتون بأحداث من أبناء النصارى وغيرهم، فيربونهم في الإسلام، فأكثر الانكشارية هم من هؤلاء، ولما أسسوا هذا الجيش باركه الحاج «بكتاش» وهو الي أعطاه اسم «يني شاري» وفي البداية لم يكن هذا الوجاق أكثر من ألف جندي، ولكنه صار يزداد سنة فسنة. وقضية أخذ أولاد النصارى وتربيتهم في الإسلام وجعلهم جنودا كان العثمانيون قد أخذوها عن الروم، أصحاب القسطنطينية، الذين كانوا إذا غزوا بلاد الإسلام سبوا كثيرا من الأولاد وربوهم في النصرانية، وجعلوهم جندا يقاتلون بهم المسلمين، ولما استولى «نيقوفورفوقاس» على حلب سبى عشرة آلاف ولد من أهلها، ورباهم في دار ملكه وعمدهم وصيرهم من أعز جنوده، وكذلك عندما استولى البطريق ميشيل بوتسنريس على أنطاكية سنة 969 سبى من أولاد المسلمين عشرة آلاف أيضا وربوهم في القسطنطينية، فخرجوا نصاري وصاروا جندا. فالعثمانيون لم يعملوا إلا ما عمله البيزنطيون من قبل، ورتب أورخان وأخوه عدة أصناف من الجيوش منهم: الجيش الذي يقال له «العزب»
ومنهم الخيالة وهم أنواع «السباهية» و«السلحدارية» و«العلوفة جيه» و«الغرباء» و«المسلمان» و«الايكنجي» وبقيت قيادة الابكنجي - وهم الكشافة - في ذرية عائلة ميكال أوغلي مدة أعصر.
وجعل أورخان وأخوه مدينة بورسة قاعدة المملكة وأخذا يفتتحان كل يوم بلدا جديدا ، وحاصرا «نيقية» التي كانت العاصمة الثانية لمملكة الروم، وبعد حصار سنتين أخذاها عنوة، وهي البلدة التي انعقد فيها المجمع النيقي الذي به تقررت العقيدة الكاثوليكية، فحول الأتراك كنيسة المجمع المقدس جامعا وأسس أورخان وأخوه في نيقيه مدرسة عالية وملجأ للفقراء، وشيدا فيها عمارات كثيرة، وعهدا بقيادة موقع نيقية إلى سليمان باشا كبير أولاد أورخان، الذي صار فيما بعد خلفا لعمه علاء الدين في الوزارة.
ثم مضى العثمانيون في فتوحاتهم فاتسعت المملكة، وكان أولاد أمير قرسي قد اختلفوا بعد موت والدهم، فوضع أورخان يده على هذه الإمارة وعمرت بورسة في ذلك الوقت، واجتمع فيها العلماء والأدباء والشعراء، وصارت عاصمة حقيقية، ولا تزال عماراتها ومآثرها إلى اليوم تدهش الأبصار، وفيها مدافن ستة من سلاطين آل عثمان. وكان دوشان ملك الصرب جمع الصقالبة وافتتح بلاد البلغار، وأراد أن يزحف على القسطنطينية، فأرسل ملك القسطنطينية «يوحنا باليولوغ» وعرض على أورخان أن يزوجه ابنته حتى يستعين به على قتال الصقالبة، ولكن دوشان مات قيل أن يتمكن من الزحف على بيزنطية، وفي سنة 1357 أجاز سليمان باشا ابن السلطان إلى البر الأوروبي بستين مقاتلا فقط، ثم أجاز بعده ثلاثة آلاف مقاتل واستولوا على مدينة «غاليبولي» على الدردنيل، ثم على «كونور» و«بولايير» و«مالاجره» و«ابسالة» و«رودستو» وبينما سليمان باشا يتقدم في الفتوحات تردي به جواده فمات ولم يلبث أبوه إلى أن لحق به.
بويع للسلطان أورخان بالسلطنة في سنة ست وعشرين وسبع مئة، وقد نبغ في زمانه المولى داود القيصري القراماني؛ قرأ في مصر، وكان له قدم راسخة في التصوف وشرح فصوص ابن العربي، ولما بنى السلطان أورخان مدرسته في بلدة أزنيق انتدبه للتدريس بها.
अज्ञात पृष्ठ