ولم نجد في أوروبا - إلا في القرن الثامن عشر للمسيح - أناسا حاولوا أن يستخرجوا أسرار التاريخ استخراجه بعد أن كانت أقفالا مستحجبة تعذر فتحها، فكان ابن خلدون في العقل والإدراك من فضيلة «مونتسكيو
Montesquien » أو الأب «مابلى
Mably » وهو من دون شك الجد الأعلى لعلمائنا الاجتماعيين المحدثين مثل «تارد
Tarde » أو المستشرق «غوبينو
Gobinean » ا.ه.
ثم ذكر صاحب كتاب «مفكري الإسلام» شيئا عن حياة ابن خلدون وقال إن الأب «بورغيس
Bargues » قدح في ابن خلدون وأنكر عليه الثبات على وتيرة واحدة، وزعم أن قاعدته في السياسة كانت التحول من حزب إلى حزب آخر بحسب ما كانت تقضي عليه به مصلحته الشخصية، أو اتقاؤه للضرر، ونسي بورغيس ما كانت عليه أحوال تلك الحقبة المضطربة الذي يجب تمهيد عذر من يلجأ فيها إلى ما لجأ إليه ابن خلدون. على أن بورغيس نفسه يسمي ابن خلدون «بالمؤرخ الفيلسوف» برغم ما زنه به من عدم الثبات.
ثم ذكر كارادوفو كيف ذهب فيلسوفنا المشار إليه سفيرا عن سلطان غرناطة إلى «بطرة» الغاشم سلطان قشتالة في بعض المهمات، وكيف حاول هذا الطاغية إقناعه بالبقاء عنده ولم يحصل من ذلك على طائل، وذكر مجيئه إلى مصر وولايته للقضاء ثم صحبته لسلطان مصر في خروجه إلى الشام لمحاربة تيمور لنك، ثم ما جرى بينه وبين تيمور لنك من الأحاديث وكيف أقنعه بالإذن له في الرجوع إلى مصر - توفي سنة 808 وفق 1406 عن أربع وسبعين سنة. وقال: إنه كان رجلا سريا بهي الطلعة، حسن الصورة والشورة، خبيرا بالسياسة، عارفا بأخلاق الملوك.
ثم قال: إن عمل هذا الكاتب العظيم كان عبارة عن تاريخ عام مجموع من كتب كثيرة ملحق بتاريخ نفيس للبربر ترجمة المسير «دوسلان
de Slane » إلى الفرنسية، وقدم عليه مقدمة تضمنت فلسفته السياسية. وهذه المقدمة هى في حد ذاتها انسيكلوبيديا شاملة، تبحث عن جميع المسائل من جهتها الفلسفية، والتاريخ نفسه معدود فيها من جملة فروع الفلسفة.
अज्ञात पृष्ठ