इस्लाम के दार्शनिकों का इतिहास
تاريخ فلاسفة الإسلام: دراسة شاملة عن حياتهم وأعمالهم ونقد تحليلي عن آرائهم الفلسفية
शैलियों
ولا بد أن ابن الهيثم قدر بالمعاينة ما يحتاجه هذا العمل فأحجم عنه لما ظنه يحتاج إليه من النفقات الباهظة وأهل الفنون الماهرين، وكانت مصر في ذلك العهد فقيرة في المال والرجال، فسلك ابن الهيثم مسلك الرجل الحكيم وامتنع عن العمل في أوله، وهذا أفضل مما لو أنه شرع فيه ثم توقف في وسطه، فكان يجلب على البلاد غرما وهي تنتظر منه غنما.
فلما عاد وتولى الديوان المصري تحقق له الغلط في تلك الولاية؛ لأن الحاكم كان كثير الاستحالة مريقا للدماء بغير سبب أو بأضعف سبب من خيال يتخيله، فأجال ابن الهثيم فكره في أمر يتخلص به، فلم يجد طريقا إلى ذلك إلا الذي لجأ إليه وهو في البصرة عندما أراد النزوح إلى مصر، فتظاهر بالجنون وشاع خبره فعين له الحاكم قيما وحجز على أمواله لمصلحته، وجعل برسمه من يخدمه وقيدوه وتركوه في موضع من منزله.
وما زال ابن الهيثم على ذلك إلى أن تحقق وفاة الحاكم، فأظهر العقل وعاد إلى ما كان عليه وخرج من داره واستوطن قبة على باب الأزهر، وأعيد إليه ماله واشتغل بالتأليف والنسخ. وكان يبيع في كل سنة ثلاثة كتب من نسخه وهي «إقليدس» و«المتوسطات» و«المجسطي» بمائة وخمسين دينارا مصريا. وكان ثمن تلك الكتب محددا لا يقبل فيه مواكسة ولا معاودة قول، فيجعلها مئونة حياته طول سنته.
وكان ابن الهيثم من أرباب المذكرات الشخصية يدون فيها أخباره بقلمه سنة فسنة وشهرا فشهرا، قال في مذكراته المدونة في آخر سنة 417ه وهو في الثالثة والستين من عمره:
إنني لم أزل منذ عهد الصبى مرويا في اعتقادات هذه الناس المختلفة، وتمسك كل فرقة منهم بما تعتقده من الرأي، فكنت متشككا في جميعه موقنا بأن الحق واحد، وأن الاختلاف فيه إنما هو من جهة السلوك إليه، فلما كملت لإدراك الأمور العقلية انقطعت إلى طلب معدن الحق ووجهت رغبتي وحرصي إلى إدراك ما به تنكشف تمويهات الظنون وتنقشع غيابات المتشكك المفتون، وبعثت عزيمتي إلى تحصيل الرأي المقرب إلى الله جل ثناؤه المؤدي إلى رضاه الهادي لطاعته وتقواه، فكنت كما قال «جالينوس» في السابعة من كتابه «في حيلة البرء» يخاطب تلميذه: «لست أعلم كيف تهيأ لي منذ صباي إن شئت قلت باتفاق عجيب، وإن شئت قلت بإلهام من الله، وإن شئت قلت من جنون أو كيف شئت أن تنسب ذلك، إني ازدريت العوام واستخففت بهم ولم ألتفت إليهم، واشتهيت إيثار الحق وطلب العلم، واستقر عندي أنه ليس ينال الناس من الدنيا شيئا أجود ولا أشد قربة إلى الله من هذين الأمرين.» ا.ه. كلام جالينوس.
قال ابن الهيثم: «فخضت لذلك في ضروب الآراء والاعتقادات وأنواع علوم الديانات فلم أحظ من شيء منها بطائل، ولا عرفت منه للحق منهجا ولا إلى الرأي اليقيني مسلكا جددا، فرأيت إنني لا أصل إلى الحق إلا من آراء يكون عنصرها الأمور الحسية وصورتها الأمور العقلية، فلم أجد ذلك إلا فيما قرره أرسطاطاليس من علوم المنطق والطبيعيات والإلهيات التي هي ذات الفلسفة وطبيعتها حين بدأ بتقرير الأمور الكلية والجزئية والعامية والخاصية، ثم تلاه بتقرير الألفاظ المنطقية وتقسيمها إلى أجناسها الأوائل، ثم أتبعه بذكر المعاني التي تتركب مع الألفاظ فيكون منها الكلام المفهوم المعلوم. «ثم أفرد من ذلك الأخبار التي هي عنصر القياس ومادته، فقسمها إلى أقسامها وذكر فصولها وخواصها التي تميزها بعضها من بعض، ويلزم منه صدقها وكذبها ويعرض معه اتفاقها واختلافها وتضادها وتناقضها، ثم ذكر بعد ذلك القياس ومقدماته وأشكاله وأنواعه، ثم ذكر النتائج التي هي الواجب والممكن والممتنع، ثم ذكر طبيعة البرهان والصناعات الأربع الجدلية والمرانية والخطابية والشعرية، ثم أخذ بعد ذلك في شرح الأمور الطبيعية في كتابه «السماع الطبيعي»، ثم كتاب «الكون والفساد»، ثم كتاب «الآثار العلوية»، ثم كتاب «النبات والحيوان»، ثم كتاب «السماء والعالم»، ثم كتاب «النفس». «فلما تبينت ذلك أفرغت وسعى في طلب علوم الفلسفة وهي ثلاثة علوم: رياضية، وطبيعية، وإلهية. فتعلقت من هذه الأمور الثلاثة بالأصول والمبادئ التي ملكت بها فروعها، ثم إني لما رأيت طبيعة الإنسان قابلة للفساد، متهيئة إلى الفناء والنفاد، فشرحت ولخصت واختصرت من هذه الأصول الثلاثة ما أحاط فكري بتصوره ووقف تمييزي على تدبره، وصنفت من فروعها ما جرى مجرى الإيضاح والإفصاح عن غوامض هذه الأمور الثلاثة إلى وقت قولي هذا وهو ذو الحجة سنة 417ه.» (1) بيان مؤلفات ابن الهيثم (1)
شرح أصول إقليدس. (2)
الأصول الهندسية والعددية. (3)
شرح المجسطي وتلخيصه. (4)
الكتاب الجامع في أصول الحساب. (5)
अज्ञात पृष्ठ