٣٢- الْقَاضِي أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ حَمُّودٍ الْمَاكِسِيُّ الشَّافِعِيُّ:
جَمَعَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، تَفَقَّهَ عَلَى شَرَفِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ عُلْوَانَ بْنِ مُهَاجِرٍ الْمَوْصِلِيِّ بِهَا.
وَدَرَّسَ بِالشِّهَابِيَّةِ بِدُنَيْسَرَ قَبْلَ أَبِي الْفَتْحِ الْمُرِّيِّ، وَكُنْتُ أَتَفَقَّهُ عَلَيْهِ أَيَّامَ تَدْرِيسِهِ، وَكَانَ يَقْصِدُ التَّحْقِيقَ فِي الْمُنَاظَرَةِ، وَتَحْصِيلَ الْفَائِدَةَ بِالْبَحْثِ مِنْ غَيْرِ انزعاجٍ، وَرَفْعِ صَوْتٍ مُفْرِطٍ، وَكَانَ وَافِرَ الْعَقْلِ، غَزِيرَ الدَّينِ، يُحِبُّ الانْقِطَاعَ وَالْخَلْوَةَ وَالتَّزَهُدَ، مُؤْثِرًا مُطَالِعَةَ أَخْبَارِ الصَّالِحِينَ، وَكُتُبَ الزُّهْدِ، وَصَحِبْتُهُ بِطَرِيقِ مكة سنة خمس وتسعين وخمسمئة، وَكَانَ كَثِيرَ الذِّكْرِ لِلَّهِ ﷿، وَالتَّصَدُّقَ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَالإِحْسَانَ إِلَى الرِّفَاقِ.
وَلَمَّا وَقَفْنَا عَلَى عَرَفَاتٍ هَمَّ بِالدُّعَاءِ، فَغَلَبَهُ الْبُكَاءُ، فَقَالَ لِي: ادْعُ أَنْتَ حَتَّى