अरबी भाषा के विज्ञान का इतिहास
تاريخ علوم اللغة العربية
शैलियों
عدم التدرج في ترتيب المسائل ورصف القواعد، فنراهم كثيرا يستعينون بالمجهول لإيضاح مجهول مثله، فيقولون مثلا: «المعرب هو المركب الذي لم يشبه مبني الأصل» مع أن الطالب لم يعرف المبني المطلق فضلا عن مبني الأصل، وإذا سأل عن المبني قيل له: «هو المركب الذي أشبه مبني الأصل.» ويقولون مثلا: «الرفع علم الفاعلية، والنصب علم المفعولية، والجر علم الإضافة»، مع أن الطالب لم يعرف شيئا بعد من أمر الفاعلية والمفعولية والإضافة، ومعرفة ذلك كله تتوقف على ذكر الكثير من الفصول والأبواب.
وهكذا يجد الطالب نفسه تجاه مجهولات تتكاثر وتتكاثف وغوامض تتراص وتتراكب، فلا يقوى على تذليلها إلا إذا رزق صبرا رصينا وقيض الله له شيخا بارعا يعرض أمامه سلسلة من المقدمات كثيرة الحلقات، ثم لا يصل إلى المقصود إلا بعد جهد جهيد.
ولا ينكر أن بعض المؤلفين انتبه لهذا الأمر وحاول التسهيل على المبتدئين فلا ينتقل إلى مجهول غالبا إلا بعد أن يمهد له بمعلوم أو يوضحه عن قرب، ليصل بالطالب إلى غرضه من أقصر الطرق وأسهلها. ويذكر في مقدمة هؤلاء الأفذاذ: أبو عبد الله محمد بن محمد الصنهاجي صاحب المقدمة المعروفة بالآجرومية، فإنه اقتصر فيها على اللباب وقلل من استعمال المجهولات في إيضاح المجهولات وذكر بعض الأبحاث بأكثر من أسلوب لترسيخها في الفهم، ومشى في كثير من المسائل على مذهب الكوفية مع أنه مرجوح عند المغاربة والمشارقة من نحاة عصره، تسهيلا على المبتدئين من المتعلمين لأن مذهب الكوفية في هذه المسائل أقرب تناولا إلى أذهانهم من مذهب البصرية ... ولكن الشراح والمحشين لم يأبهوا لهذه المزايا ولا حسبوا لها حسابا فأحاطوها بما ذهب بفوائدها وعفى على آثارها من غوامض المسائل وغريب المباحث.
أذكر أني في مفتتح دراستي العربية أخذت هذه المقدمة «الآجرومية» وجلست إلى الشيخ لأقرأ، فقال لي: إن المتن المجرد عن الإعراب لا يفيدك الفائدة المطلوبة، وأخرج لي نسخة مخطوطة تشمل الصفحة منها على أسطر قليلة ذات كلمات متباعدة موشحة بتعاليق كثيرة على أوضاع خاصة وبأشكال مختلفة، فأعطانيها واندفع يسرد لي معنى البسملة بكلام طويل عريض لم أفهم منه إلا القليل، وأمرني باستظهار إعرابها: «الباء: حرف جر، واسم: اسم مجرور بالباء وعلامة جره كسرة ظاهرة في آخره، والجار والمجرور متعلق بمحذوف تقديره أبتدئ أو ابتدائي، وهو مضاف ولفظ الجلالة مضاف إليه وهو مجرور بالإضافة ... إلخ.» وكان اليوم الثاني، وكان الموضوع «الكلام» فاندفع يشرح لي معناه عند اللغويين والفقهاء والمتكلمين ثم النحويين بكلام غم علي أكثره، ثم أمرني باستظهار الكلام بتعريفه ثم إعرابه «الكلام: مبتدأ مرفوع بالابتداء - على الأصح - وعلامة رفعه ضمة ظاهرة في آخره، «هو» ضمير فصل لا محل له من الإعراب ... إلخ.» وهكذا وجدتني تجاه عباب زاخر بمصطلحات لا أعرف لها أولا ولا آخرا: الحرف، الاسم، الجر، المجرور، المتعلق، المحذوف، المضاف إليه، الإضافة، النعت، التبعية، المبتدأ، الابتداء، الرفع، المرفوع، ضمير الفصل، الإعراب ... إلخ. ألفاظ اشتغل ذهني في أن يفرض لها معاني، فأخذ يصوغ ويكسر وبعد جهد جاهد لم يحصل إلا على الجمجمة والترجيم، ففزعت إلى شرح أستعين به فوقع في يدي شرح الشيخ خالد الأزهري ونظرت فيه ، وإذا بي تجاه مشاكل جديدة: جنس، فصل، وضع نوعي، وضع شخصي، إلى أشياء من هذا القبيل لا يدركها إلا من ضرب بسهم في العربية وعلوم أخرى، وبالأخير هداني التسآل إلى شيخ نبيه فأرشدني إلى الاقتصار على فهم المتن وحده، ثم الرجوع إلى شرح مختصر مقصور على إيضاح المواد بأسهل العبارات.
والذي يظهر لنا أن الكثير من تلك المؤلفات وضعها مؤلفوها لتلاميذهم، وكانوا يقدرونها على استعدادهم ومؤهلاتهم تقديرا، فإذا أراد آخرون لم تتوفر فيهم تلك المؤهلات أن يقتطفوا مثل ما اقتطف أولئك من ثمارها أعياهم ذلك. وما قولك أن جمهرة المؤلفين في هذا الشأن من المعاصرين على شدة عنايتهم في صقل مؤلفاتهم ذهلوا عن هذا الأمر فوقعوا في المحظور التعليمي الذي وقع فيه من سبقهم، مع أنهم وضعوا كتبهم لتلاميذ لم تكن حصة العربية من وقتهم وعنايتهم إلا ضئيلة، فكان عليهم ألا يدخروا وسعا في التهذيب وحسن الترتيب والتبويب؟ نجدهم يقولون في مبادئ كتبهم مثلا: «الفعل المتعدي هو الذي ينصب المفعول به، والفعل المعلوم هو الذي يذكر فاعله»، مع أن الطالب لم يعرف شيئا من أمر: النصب، والمفعول به، والفاعل، وتفهيمها يتوقف على دراسة أبواب لم تزل معقودة في ناصية المستقبل.
يقال: ما العمل والأمر يقضي بإيضاح تلك المسائل، والإيضاح يتوقف على الاستعانة بهذه المصطلحات وإن لم يجر ذكرها بعد؟ فالجواب أنه لا يجوز التعرض لإيضاح مسألة ما إلا بعد إعداد العدة لها، وتوضيح العناصر اللازمة لإيضاحها قبل الإقدام عليه، فلا يبحث عن المتعدي واللازم مثلا إلا بعد معرفة النصب والمفاعيل، ولا عن المعلوم والمجهول إلا بعد معرفة الفاعل وما ينوب عنه. وبالجملة فإنه لا تجوز الاستعانة بمجهول لمعرفة مجهول آخر، بل يجب أن تكون الاستنارة بالمعلومات وحدها. (3)
الخلط بين مسائل هذا العلم ومسائل من علوم أخرى لا تمس الحاجة إليها، وليس في مقدور الطالب إساغتها وإدراك ما وراءها. هذا ديدن المتأخرين من الشراح والمحشين، مثال ذلك قول الشيخ خالد الأزهري في شرحه على الآجرومية: «والصحيح أن الكلام موضوع بالوضع النوعي »، ومن أين للمبتدئ أن يدرك مسألة كهذه عجز فحول علماء الوضع والأصول عن حلها حلا نهائيا؟ ويقول الشيخ المذكور في شرح أزهريته: «والمفرد ثلاثة أقسام: اسم، وفعل، وحرف، لأنه لا يخلو إما أن يستقل بالمفهومية أو لا، الثاني الحرف. والأول إما أن يدل بهيئته على أحد الأزمنة الثلاثة أو لا، الثاني الاسم والأول الفعل. والعناد حقيقي يمنع الجمع والخلو. وقد علم بذلك حد كل واحد منها للإحاطة بالمشترك وهو الجنس، وما به يمتاز كل واحد عن الآخر وهو الفصل.» ا.ه. بحروفه وهو كما ترى كلام مغلق، لا يعقله إلا من ضرب في علم المنطق بنصيب، وأنى للطالب المبتدئ ذلك؟! وفي مثل هذا الموطن يقول شارح القطر: «فإن علماء هذا الفن تتبعوا كلام العرب»، فينطلق المحشي يشرح لفظ العرب واشتقاقه وجموعه ومن هم العرب وأقسامهم ... إلخ، مما لا مساس له في الموضوع. ويأتي ذلك الشارح في باب العطف بشاهد على أن حتى لا تفيد الترتيب، وهو الحديث المأثور: «كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس»، فينطلق المحشي يوضح حقيقة القضاء والقدر وما بينهما من فرق أو عدمه، ويسرد في ذلك آراء المتكلمين من أهل المذاهب المختلفة. ويأتي الشارح بمثال للماضي المبدوء بالنون وهو «نرجست الدواء»، فينطلق المحشي يسرد خصائص النرجس الطبية وغيرها، ومما جاء في النرجس ... إلخ ص15.
نعم من الجائز أن يستعان في إيضاح مسائل من علم بمسائل من علم آخر، ولكن على شرطين؛ الأول أن تلك المسائل يتعذر أو يتعسر إيضاحها إلا بذلك، والثاني أن يكون الطالب على علم بتلك المسائل الخارجة عن علمه الذي هو بصدد دراسته. (4)
عدم الموازنة بين مقدرة الطالب وما يحشد له من عويص المسائل وسهلها، فإنك إذا تصفحت مبادئ الكتب التي وضعها المتأخرون للمبتدئين من المتعلمين تجد فيها معضلات المسائل محشورة إلى جانب السهل منها ... (5)
حشد القيود الكثيرة، والرموز العديدة في العبارة القصيرة، ولا سيما في التعاريف مما يتعسر بل قد يتعذر على الطالب تفلية تلك القيود واستخلاص المراد من كل منها. (6)
अज्ञात पृष्ठ