अरबी भाषा के विज्ञान का इतिहास
تاريخ علوم اللغة العربية
शैलियों
ثم تتابع الأئمة على التأليف في هذا العلم وأقبلوا عليه أيما إقبال فقلما نجد كبيرا من كبراء أهل هذا العلم إلا وله شيء في هذا الباب، مثل شمر بن حمدويه ، وأبي العباس ثعلب، وأبي العباس المبرد، وأبي بكر بن الأنباري، وأبي عمر الزاهد المعروف بغلام ثعلب وغيرهم.
ثم جاء الإمام أبو سليمان أحمد أو «حمد» بن محمد الخطابي البستي المتوفى سنة 386ه، فألف كتابا سلك فيه مسلك أبي عبيد وابن قتيبة، ولكنه قصره على ذكر ما لم يورداه في كتابهما فجاء كنحو من أحدهما حجما.
وغبر الناس زمنا يتداولون هذه الأمهات الثلاثة ويعولون عليها في بابها، ولكن هذه الكتب وما قبلها - ما عدا كتاب الحربي - لم تكن مبوبة تبويبا يسهل على الناس المراجعة، وفي هذا ما فيه من العناء على المراجعين فإذا أراد المرء معرفة كلمة غريبة وردت في أحد الأحاديث لا يهتدي إليها إلا بعد جهود كثيرة، زيادة على أنه لا يدري الحديث المطلوب في أي الكتب الثلاثة هو فيحتاج إلى استقرائها واحدا واحدا. فلما كان عصر أبي عبيد أحمد بن محمد الهروي - وكان معاصرا للخطابي - ألف كتابه المشهور في غريب القرآن والحديث، ورتبه مقفى على حروف المعجم على ما قلناه في مفردات القرآن، وقد جمع في كتابه هذا ما في كتاب أبي عبيد وابن قتيبة وغيرهما، وأضاف إلى ذلك ما تتبعه بنفسه مما لم يرد في كتب من تقدمه.
ثم جاء الإمام محمود بن عمر الزمخشري المتوفى سنة 538ه، فألف كتابه «الفائق» ورتبه على حروف المعجم، ولكنه عندما يريد شرح كلمة غريبة من حديث يشتمل على أكثر من كلمة غريبة يورد الحديث كله أو بعضه ويشرح كل ما فيه من الغريب، وبذلك يشرح كثيرا من الكلمات في غير حروفها فيعسر على المتتبع العثور على مطلوبه بالسرعة، ولذلك لم يشتهر كتابه اشتهار كتاب الهروي مع ما أودعه من الحقائق اللغوية والتدقيقات العلمية.
وجاء أبو موسى محمد بن أبي بكر المديني الأصفهاني فألف كتابه في الغريبين، جمع فيه ما فات الهروي من غريبي القرآن والحديث على ما علمت في الكلام على غريب القرآن.
وألف أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي كتابه في الغريب، نهج فيه نهج الهروي بل هو كالمختصر منه.
وكان من معاصريه العلامة أبو السعادات المبارك بن محمد المعروف بابن الأثير الشيباني الجزري المتوفى سنة 606ه، فرأى أن أحسن ما يرجع إليه في هذا الشأن كتابا الهروي وأبي موسى المذكورين، وقد رأى أن الإنسان إذا أراد كلمة غريبة يحتاج إلى أن يتطلبها في أحد الكتابين، فإن وجدها فيه وإلا طلبها من الكتاب الآخر، وهما كتابان كبيران في مجلدات، فعمد إلى جمع ما فيهما من غريب الحديث مجردا من غريب القرآن، وأضاف كل كلمة إلى أختها تسهيلا لكلفة الطلب، وقد ضم إليهما الشيء الكثير مما لم يوفقا إليه من غرائب الكتب الصحاح كالبخاري ومسلم وغيرهما من الكتب المدونة في أول الزمان وأوسطه وآخره ومن كتب اللغة على اختلافها. وقد سلك طريقة الكتابين المذكورين في الترتيب والتبويب على حروف المعجم، ملتزما الحرف الأول والثاني من كل كلمة وإتباعهما بالحرف الثالث منها، ناظرا إلى الحروف الأصلية من الكلمة دون الزوائد، وإنه كثيرا ما يعتبر الحروف الزائدة في أوائل بعض الكلمات بمثابة الحروف الأصلية تسهيلا على الطلاب ولا سيما الذين لا يكادون يفرقون بين الأصلي والزائد، على أنه عندما يذكر ذلك ينبه على أصل الكلمة لئلا يظن ظان أن الزائد أصلي فيختلط عليه الأمر، وأسمى كتابه هذا «النهاية في غريب الحديث والأثر» وهو أجل كتاب ألف في هذا العلم وأجمعه وعليه الاعتماد في فنه وقد صار مستمدا لمؤلفي المعاجم اللغوية من بعده، ولا نعرف أن أحدا ألف بعده كتابا يساويه أو يقاربه. غير أن جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911ه كان قد لخص هذه النهاية في كتاب أسماه «الدر النثير في تلخيص نهاية ابن الأثير»، وقال إنه ضم إلى كتابه هذا كثيرا مما فات صاحب النهاية، ومن وقف على النهاية ثم وقف على هذا الكتاب لم يرق لنظره الرجوع إليه مرة أخرى، لأن جلال الدين السيوطي بتلخيصه هذا ذهب برونق الأصل وجماله وضيق منه واسعا فسيحا. هذا، وإنما تزاحمت أقلام أهل العلم في باب غريب الحديث أكثر من ازدحامها في باب مفردات القرآن؛ لأن الأحاديث الآثار فسيحة الرقعة منتشرة الأطراف واسعة الأرجاء وقلما توفق العالم المبرز إلى استقصاء أكثرها، فيأتي عالم آخر من بعده فيستدرك عليه كثيرا مما فاته، ثم يأتي ثالث فيستدرك على الثاني وهكذا على ما علمت فيما مر، بخلاف القرآن الكريم فإنه مجموع بين دفتيه متواتر بكل ما في معنى التواتر من قوة، وبهذا يسهل على أهل العلم استقصاء كل ما فيه من المفردات. فلم يبق إلا اختلاف أنظارهم في تفسير بعض الكلمات، واختلافهم في إيجاز الشروح أو الإطناب فيها، واختلاف أذواقهم في الترتيب والتبويب والتنقيح والتهذيب وهذه أمور ليست من الصعوبة بمكان. بخلاف ما يعانيه المؤلفون في غريب الحديث من التتبع الكثير والاستقراء الواسع، هذا ابن الأثير بعد أن وقف على ما وقف عليه من جهود العلماء في هذا الباب، واستقرى ما وصل إليه جهده من المصنفات الكثيرة في الحديث والآثار؛ تجده مع ذلك كله يقول في خطبة نهايته: «كم يكون قد فاتني من الكلمات الغريبة التي تشتمل عليها أحاديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم
وأصحابه وتابعيهم جعلهما الله ذخيرة لغيري يظهرها على يده ليذكر بها، ولقد صدق القائل: كم ترك الأول للآخر؟» يقول هذا وهو من هو في غزارة العلم وسعة الاطلاع وطول الباع في علوم الشريعة وفنون الآداب. (14) النحو
قلنا في تاريخ علم اللغة إن انبساط العرب في الأرض على عدان نهضتهم المعروفة دفع بلغتهم إلى الاحتكاك بلغات الأمم المختلفة، فأخذ اللحن يدب في عروقهم والعجمة تسري في أطرافها، وإن أول ما منيت به الاضطراب في إعرابها والاختلاف في نظام تركيبها، والإعراب أجمل حلية تتحلى به لغة مضر وأنفس أعلاقها وأجلى مميزاتها وأجل مفاخرها، فعز على أبنائها وذويها أن تصاب على مرأى منهم ومسمع وهم عنها لاهون، فهب فريق من عقلائهم وأهل المواهب فيهم حفزتهم الحمية القومية والغيرة الدينية والحنكة السياسية إلى بذل الجهد في نصرتها وتعزيز جانبها. وكان مجلي الحلبة في هذا المضمار أبو الأسود الدؤلي الكناني أحد أعلام التابعين، فعل ذلك بإشارة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان أبو الأسود من أعلام شيعته وأنصاره، فعمد أبو الأسود إلى ضبط بعض القوانين واستقراء بعض الأبواب، وكتب في ذلك صحيفته المعروفة عند النحاة ب «التعليقة»، وهي أول صحيفة دونت في علوم اللسان العربي.
अज्ञात पृष्ठ