अरबों में विज्ञान के इतिहास पर अनुसंधान
بحوث في تاريخ العلوم عند العرب
शैलियों
وعبقرية جابر المذكورة في العلاج تعرج بنا على بعد جوهري هو علوم الطب، لنجده قد برع فيها، خصوصا وأن الكيمياء دائما ذات صلة وثيقة بعلوم الطب، وإذا كانت الصلة تتمثل في عصرنا هذا في علم العقاقير أو الفرما كولوجي، وفي الكيمياء الحيوية وما شابه هذا، فإنها لم تكن هكذا فقط أيام جابر؛ بل كانت الصلة بين الكيمياء والطب تتمثل أساسا في الإكسير الذي يؤكد جابر أنه وجده.
كانت الكيمياء هي معالجة المعادن الخسيسة لتصبح معدنا نفيسا، والطب هو معالجة الأبدان المريضة لتصبح صحيحة، أساس العمل في الحالتين هو الإكسير؛ لأن الإكسير هو الوسيلة التي يخرج بها العالم شيئا من شيء، كأن يضيف إليه ما ينقصه أو يحذف منه ما زاد عليه، سواء أكان هذا الشيء جسما حيا أو معدنا. أما إكسير الحياة - أمل السيميائيين أو الخيميائيين جميعا - فهو الدواء الشافي من جميع الأمراض، ويقال إن هذه الفكرة تعود إلى أصول صينية.
56
ودعم من أثر البعد الطبي في الكيمياء إيمان جابر بالنزعة الحيوية التي سادت العلم القديم لترى كل شيء حيا حتى أصلب أشكال الجماد. لقد ظلت هذه النظرة الحيوية طاغية مهيمنة حتى كان العلم الحديث ليقترن بالتصور الآلي الميكانيكي للطبيعة وينهي عصر النظرة الحيوية، حتى شهد القرن العشرون انهيار التصور الآلي للطبيعة بدوره تحت وطأة نظرية «الكوانتم» الكمومية والنسبية وسائر علوم الذرة.
المهم أن جابرا كسائر أقرانه من العلماء القدامى آمن بحيوية الطبيعة، بل رآها عاقلة مريدة والكواكب قوى حيوية علوية تمارس تأثيرها، الفرق بينها وبين الله هو دخول المادة فيها، من هنا كان علم التنجيم عند جابر - أو كما أسماه علم استخدام الكواكب العلوية - واحدا من علوم سبعة أساسية هي كل العلوم.
آمن جابر أيضا بأن المعدن كائن حي، ينمو في جوف الأرض عبر آلاف السنين، على إثر تزاوج أو اتحاد عنصرين هما دخان أرضي وبخار مائي، يتكاثفان في جوف الأرض ليكونا أصلي جميع المعادن: الزئبق والكبريت. الفرق بين معدن وآخر يعود إلى اختلاف نسب الكبريت والزئبق فيه، في الذهب يكون بينهما اتزان تام، وفي الفضة يتساويان في الوزن، والنحاس يحتوي على كبريت أكثر، أما القصدير فزئبقه أكثر وهكذا، ويرى المؤرخون أن هذه الفكرة هي التي تطورت إلى مفهوم الاتحاد الكيميائي الحديث، فتعتبر من أهم الأفكار الكيميائية التي طرحت في القرن الثامن.
57
وبطبيعة الحال، اتحاد الزئبق بالكبريت يعطي كبريتيد الزئبق، وهو ليس بمعدن على الإطلاق، فضلا عن أن يكون كل المعادن، وقد عرف جابر كبريتيد الزئبق، وأسماه الزنجفر. إذن فهو لا يقصد بالكبريت والزئبق المقصد العام لهما، بل مبدأ ما ميتافيزيقيا،
58
لعله متصل بما أسماه جابر: الأرواح، أخذا عن زوسيموس السكندري تركيب المعادن من روح وجسد، ينفصلان ليدخلا ثانية في تركيب جديد.
अज्ञात पृष्ठ