तारीख़ इल्म-ए-अदब
تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو
शैलियों
وقطرات الماء تنحدر في مصبها، وتجري أنهارا تجتمع وتصير بحارا، وبذور النبات يختار الأرض الصالحة له أو يصير أحراجا، وكل نجم
28
وكل شجرة صغيرة أو كبيرة تنبت في فصلها، وتنمو في أرضها وتثمر ثمرتها فتنضج في أوانها، فكل ما في هذه الغابة جميل حتى الشوك، فنسأل أيضا أين الانتظام؟
فاختر إذن بين أحسن ما أتت به الصناعة البستانية وبين مصنوعات الطبيعة، بين ما هو جميل بحسب الاصطلاح وبين ما هو جميل بغير القواعد الاصطلاحية، بين أدب مصنع مرصع، وبين شعر مبتكر لم ينسج على منواله أحد.
ربما قال معترض بأن الغابة العذراء البعيدة عن الناس قد يربض فيها ألف حيوان مفترس، وأما حياض الحديقة الصناعية التي استنقعت المياه فيها، فلا تحتوي في الغالب إلا على قليل من الضفادع المستقذرة، فهذا الاعتراض وارد مع الأسف. ولكن إذا خيرنا فنحن نفضل التمساح المفترس على الضفدع القذر، كما نفضل بربرية الشاعر الإنكليزي شكسبير على خسافة عقل الشاعر الفرنساوي قاميسترون (ولد في طولوز 1656-1723م).
ومن المسائل المهمة المقتضى بيانها هو أن الانتظام يمتزج بالحرية في الأدب، كما يمتزج بها في السياسة؛ لا بل الانتظام نتيجة للحرية فيهما جميعا، ولكن ينبغي التفريق بين الانتظام وبين رعاية القواعد، فرعاية القواعد أمر لا يتعلق إلا بالشكل الخارجي، وأما الانتظام فينتج في باطن الأشياء؛ أي من ترتيب العناصر الأصلية التي في الموضوع المبحوث عنه ترتيبا يستحسنه الذوق، فرعاية القواعد هو تأليف مادي ووضع إنساني، وأما الانتظام فهو أشبه بالأمر الإلهي، فهاتان الخاصتان المتخالفتان في ذاتهما كثيرا ما توجد إحداهما بدون الأخرى، فالكنيسة المبنية على القالب القوطي يظهر لنا فيها انتظام بديع رغما عن سذاجتها وعدم رعاية قواعد البناء فيها، وأما الأبنية الفرنساوية الحديثة التي بنيت على قوالب أبنية اليونان والرومان، وقلد البناءون في بنائها تقليدا أعجميا بغير ذوق، ولا مهارة فتظهر لنا غير منتظمة رغما عما في بنائها من رعاية القواعد المعمارية، فالمؤلف العادي لا يتعذر عليه تصنيف تأليف على حسب القواعد، وأما وضع الانتظام في التأليف فلا يتيسر إلا لذوي العقول الكبيرة من المؤلفين؛ لأن الخلاق
29
الذي ينظر من الأعلى ينظم، والمقلد الذي ينظر من القرب يطبق على القواعد، فالأول يعمل بمقتضى ناموس طبيعته، والثاني يتبع قواعد طريقته، فالصناعة إلهام للأول، وعلم للثاني، والحاصل رعاية القواعد هي ذوق التوسط،
30
والانتظام هو ذوق القريحة؛ ومن هنا يفهم الفرق بين أدب الطريقة الرومانية وبين أدب الطريقة المدرسية.
अज्ञात पृष्ठ