तारीख़ इल्म-ए-अदब
تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو
शैलियों
الثامنة: (1270م): الحرب التي قادها لويس التاسع ملك فرنسا الملقب بالقديس لويس، ومات فيها أمام أسوار تونس الخضرا، فاسترجع المسلمون حينئذ مدن فلسطين وسوريا من الإفرنج واحدة بعد الأخرى، وكان آخرهن فتح عكا سنة 1291م، وانتهت بذلك الحروب الصليبية.
وكان لهذه الحروب نتيجتان إحداهما مادية عسكرية، والأخرى معنوية أدبية، فالنتيجة المادية رجوع الإفرنج عن الغنيمة بعد الكد بالقفل وتخليتهم القدس، وجميع ما ملكوه في الشرق، والنتيجة المعنوية انتباههم من الغفلة التي كانوا فيها بمخالطتهم المسلمين، وأهل الشرق وسلوكهم منذ ذاك التاريخ سبيلي «الانتظام» و«الترقي»، ويسميهما الإفرنج (أوردر وبروغرة)، قال رينان: «حدث بعد الحرب الصليبية الثامنة التي قام بها لويس التاسع، ومات على أبواب تونس حركتان واضحتان من جهتين مختلفتين، الأولى انحطاط العالم الإسلامي والأخرى نهوض العالم المسيحي؛ لأن العلوم الإسلامية لما لقحت جراثيم الحياة في جسم البلاد الأوروبية انطفأت جراثيم حياتها، وأخذ العالمان يسيران في وجهتين متعاكستين علوا وهبوطا.»
سارت مشرقة وسار مغربا
شتان بين مشرق ومغرب (3) ما اقتبسه الإفرنج من قواعد الشعر العربي
فيتضح لك من هذه النبذة التاريخية المعترضة في هذه الرسالة أن الاختلاط بين العرب والإفرنج لم ينقطع لا في الحروب الصليبية، ولا قبلها حينما دخل العرب أرض فرنسا، وتوطنوا في جنوبها، وحرثوا أرضها، وتزوجوا ببناتها ، وتاجروا مع أهلها، وعمروا مدن نربون (نربونة)، وقرقسون (قرقشونة)، وفراقسينة وأخذوا الأسرى من الإفرنج وشغلوهم في عمارة جامع قرطبة القائم ليومنا هذا على ألف وثلاثة وتسعين عمودا، وفي غيره من المباني الفاخرة كالقصر والزهراء والحمراء والقنطرة، فكانت الأفكار تتبادل بين الفريقين ضرورة، ولو كانا على طرفي نقيض.
وحيث كان المسلمون في ذاك العصر أرقى حضارة، وأدبا من جيرانهم المسيحيين كانت الإفرنج تقتبس من معارف المسلمين، وتحصل العلم في مدارسهم وجوامعهم كما فعل البابا سيلفستر الثاني، واسمه الذي سماه به أبوه جربر (930-1004م)، فإنه بعد أن حصل مبادئ العلوم اللاهوتية باللغة اللاتينية في مدينة أورياق التي ولد فيها، وهي بالقرب من طولوز وفي شمالها الشرقي ارتحل في طلب العلم إلى الأندلس، فقطع عقاب البيرينة والوادي الكبير المار بجوار قرطبة، ومن إشبيلية والمنصب في خليج قادس من المحيط غير بعيد عن شريش، وجاور في مدرسة إشبيلية ثلاث سنين وعاد لأوروبا متبحرا في العلوم والمعارف حتى حسبه الناس ساحرا واتخذه الملوك مؤدبا لأولادهم، وتقلب في المناصب حتى أحرز رتبة الباباوية، وقيل: إنه أول من أدخل لبلاد الإفرنج ما يسمونه الأرقام العربية، ونسميه الأرقام الهندية، وهي التي تدل بذاتها على عدد، وبمنزلتها على عدد آخر، وكانوا لذاك العهد يستعملون الأحرف اللاتينية التي هي بمثابة الحروف الأبجدية.
واقتفى طلاب العلم أثر هذا البابا الحكيم، وكذا المنتحلون منهم للشعر والأدب كانوا يقلدون شعراء العرب وأدباءهم. وكان المجاورون للعرب من أهالي فرنسا، وشمال إسبانيا يحيدون عن تعلم أشعار اللاتين، ويكبون على تعلم أشعار العرب وأزجالهم، وكان فقراؤهم في القرن الحادي عشر للميلاد ينشدون الأناشيد والمدائح العربية، وهم يستعطون على الأبواب وفي الطرقات، فيستمع الناس لهم ويتصدقون عليهم، لا لفهمهم ما يقولون وإنما شوقا منهم وحنانا للألحان والأنغام والقوافي الرنانة، كما كانت العربية هي اللسان الرسمي في صقلية على عهد رجار، ومن خلفه من الملوك بعد انقراض الحكومة الإسلامية منها، وكانوا يحررون بالعربية على المباني العمومية في تلك الجزيرة.
وذكرنا فيما تقدم أن لغة «رومان»، وهي لاتينية سوقية محرفة بكلام الغولوا، والفرنك انقسمت إلى شعبتين: (1) لسان أوق تكلم به أهل الجنوب لا سيما سكان بروفانس (2) لسان أويل تكلم به أهل الشمال لا سيما سكان جزيرة فرنسا، وهي الأيالة التي عاصمتها باريس، وكان في الشمال شعراء يقال لهم «تروفير»، وفي الجنوب شعراء يقال لهم «تروبادور».
فالتروبادور الذين كانوا في أيالة بروفانس هم صنف من المداحين يطوفون من قصر لقصر، ومن قلعة لأخرى يغنون قصائدهم ويمدحون الأمراء وذوي الوجاهة، ويسمون أدبهم بالعلم المطرب، ولم تكن أشعارهم ذات قواف كأشعار العرب، وإنما لها بدل القافية مراكز ومواقف كالأشعار التي يتغنى بها رعاة الغنم، وكان لهم فن من الشعر يسمونه تنسون
Tenson
अज्ञात पृष्ठ