तारीख़ इल्म-ए-अदब
تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو
शैलियों
14
وهي في شمال طولون ومارسيليه، كما نسبت إليهم قسطل سارازين، وهي مدينة بين بوردو، وطولوز، والقسطل هو الحصن أو القلعة، ولم يزل في ضواحي القدس قرية يقال لها: القسطل، فقسطل سارازين معناها حصن العرب وقيل غير ذلك، والله أعلم.
شارل مارتيل يحارب العرب في فرنسا.
وكان هشام بن عبد الملك عاشر الخلفاء الأمويين قد عين على إفريقية عبيدة بن عبد الرحمن بعد استشهاد واليها بشر بن صفوان الكلبي في فتح صقلية، وهي جزيرة سيسليا التابعة اليوم لإيطاليا، غير أن ولاية عبيدة لم تطل بل عزل ونصب مكانه عبيد الله بن الحبحاب، وهو الذي زين تونس بالمباني الفاخرة وأنشأ في ساحلها دار صناعة للسفن؛ أي (ترسانة) كما يسميها الأتراك، أو «شانية» كما يقول الإفرنج، فلما بلغ عبيد الله وفاة عبد الرحمن في واقعة بواتيه بعث واليا على جزيرة الأندلس عبد الملك بن قطن، فأصلح حال الجيش وزوده وساقه على فرنسا سنة 117ه سنة 735م، فاستردوا الأيالات الجنوبية التي في أطراف نربون وقرقسون وعلى ضفاف أود، وعبروا نهر الرين وضبطوا أيالة بروفانس بأجمعها سنة 120ه، أو سنة 737م من حاكمها مورونت ومركزه إكس في شمال مرسيليه، وظلوا سائرين على سواحل البحر الشامي حتى دخلوا إيطاليا، وأغاروا فيها على مملكة لومبارديا التي عاصمتها ميلان فاتفق ملكها لوي بران مع المتغلب على ملك الإفرنج، وهو شارل مارتيل دوق أوستراسيا وناظر السراي الملوكية، وأرجعا العرب إلى قرب جبال البيرينة سنة 122ه أو سنة 739م، ولم يقدرا على إخراجهم من نربون ولا من قرقسون.
ثم إن عبيد الله بن الحبحاب والي إفريقية عين عقبة بن الحجاج على الأندلس، فحضر إليها واستلم زمام الأمر فحصلت فتنة، وتغلب عليه عبد الملك بن قطن الفهري فذهب عقبة بن الحجاج إلى قرقسون في فرنسا، وكانت عامرة بالمسلمين وبقي هناك إلى أن مات ودفن في تربة قرقسون. فغضب هشام وعزل عبيد الله وولى مكانه كلثوم بن عياض واليا على إفريقية وبعث معه اثني عشر ألف فارس من فرسان الشام يقودهم بلج بن بشر، فقتل كلثوم في المغرب الأقصى في واقعة جرت له مع البربر، ودخل بلج بن بشر بعسكره جزيرة الأندلس، وقاتل عبد الملك بن قطن وتولى مكانه، فبعث هشام لإفريقية حنظلة بن صفوان الكلبي والي مصر فجاء القيروان سنة 124ه أو سنة 741م، وأصلح ما فسد في قبائل إفريقية والمغرب الأقصى، وبعث أبا الخطار الكلبي واليا على الأندلس فورد إليها ونزل قرطبة وفرق عساكر الإسلام في البلاد، فأنزل الدمشقيين في البيرة (ألويره)، وهي الولاية التي عاصمتها غرناطة وتكثر فيها المياه والغوطات والرياض، ومدينة غرناطة مبنية على ثلاث تلال يمر من وسطها نهر حداره (دارو) المنصب في نهر شنيل، وهو ينصب في الوادي الكبير (غواد الكفير) المار بإشبيلية؛ ولذا دعاه العرب نهر إشبيلية.
وفي غرناطة قصر الحمراء الشهير، وغرناطة في جنوب مادريد وعلى خط الطول المار منها، وأما خط الحديد بينهما فمسافته 696 كيلومترا؛ لذا أطلق على البيرة وغرناطة دمشق، وأنزل الحمصيين في إشبيلية (سفيلة) ويمر منها الوادي الكبير وفيها القصر المشهور عند الإفرنج باسم «القازار»، وكان دار الملك بني عباد؛ ولذا أطلق على إشبيلية حمص، وأنزل أهل قنسرين على ضفاف الوادي الأبيض (غواد لفياد) المنصب في البحر الشامي قرب بلنسية فأطلق على تلك النواحي قنسرين، وأنزل أهل الأردن في مالقة (مالاغة)، وهي على ساحل البحر الشامي شرقي جبل طارق ويمر منها «وادي المدينة»، وإليها ينسب الخمر المعروف باسم «مالاغة»، وأنزل أهل فلسطين في سيدونيا؛ أي مدينة شريش (أكسيرس) وما جاورها، وهذه المدينة بالقرب من قادس على مسافة 22 كيلومترا عن البحر المحيط، وإليها نسب كثير من الأدباء فقيل لهم: الشريشي، ومنهم شارح المقامات، وكتابه مطبوع في مصر وينسب إليها اليوم الخمر المشهور باسم «شري» و«إكسبرس»، وفيها فاز طارق بن زياد على رودريك ملك القوط وشتت عساكره وأخذ ملكه. وأنزل أبو الخطار الكلبي المصريين في تدمير، وهي الأيالة المشتملة على مرسية، وهي على نهر سفورة تبعد عن ساحل البحر الشامي المتوسط بين البحور 35 كيلومترا، وبجانبها سهول هوثرتة المشابهة لوادي النيل في بركة المحصول وقوة الإنبات؛ ولذا أطلق عليها مصر. ولم يزل فيه بقايا الترع العربية والقنوات، وبينما كان المسلمون في الأندلس ينظمون شئونهم ويستعدون لفتح بلاد الإفرنج،
15
ونشر الدين الإسلامي فيها، وإذ ظهر الفساد في دمشق عاصمة الممالك الإسلامية ودار خلافتها، واختلت أمور الدولة بعد وفاة هشام وجلوس الوليد (84-126ه) ابن يزيد بن عبد الملك بن مروان حادي عشر خلفاء بني أمية، وجلس بعده في تلك السنة يزيد (80-126ه) ابن الوليد بن عبد الملك ثم أخوه إبراهيم، ثم رابع عشر خلفاء بني أمية وآخرهم وهو مروان الحمار (70-132ه) ابن محمد بن مروان بن الحكم، ولم ينتظم الأمر ولا لواحد منهم بعد موت هشام، ولا سكنت الفتن في أيامهم؛ ولذا لم تتقدم الفتوحات في بلاد الإفرنج. (1) داخلية أوروبا بعد رجوع العرب عنها
أما فرنسا فاستيقظت بسبب هذه الحروب من غفلتها، واجتمعت كلمتها على شارل مارتيل ناظر سراي الملوك من آل قلوفيس حفيد ميروفه، فاستبد بالأمر وصار الآمر الناهي في المملكة، وزال نفوذ الملوك من سلالة ميروفينجيان، وأصبحوا كالخلفاء العباسيين في آخر أمرهم، ولم يستطع شارل مارتيل أن يملك على الفرنساويين لشدة ظلمه وسوء سيرته وتعديه على أملاك الأديرة والرهابين، ولكنه هيأ الملك لولده ولحفيده من بعده، وأما هو فلم يرض بعمله المسلمين ولا النصارى؛ لأنه ضبط أوقاف الأديرة، والكنائس ليجهز العساكر ويقوم بنفقات هذه الحروب العظيمة، فأغضب بذلك الأساقفة والرهابين المتمتعين بهذه الأموال، فلم يغفروا له هذه السيئة، وأغمضوا العين عن جميع حسناته عليهم وحكموا في مجتمعهم الرهباني (قونصل) في فرنسا بكفره وخلوده في نار جهنم، ورآه أحد أوليائهم بعين الكشف وهو يعذب في النار والأفاعي تنهش في جثته المنتنة، فشارل مارتيل واضع أساس الدولة الثانية في ملك الإفرنج لم يرض عنه المسلمون ولا النصارى، ولما مات قام بالأمر بعده ابنه بيبن القيصر وحارب قبائل الجرمان في ألمانيا وقبائل اللومبارد في إيطاليا، وكانوا معادين للباباوات في رومة فاكتسب بذلك نفوذا وقوة، وانتخبته قبائل الإفرنج ملكا عليها، وأمر البابا بدهنه بالزيت المقدس وتتويجه فدهنه، وتوجه القديس بونيفاس أسقف مايانس سنة 752، وانقرضت دولة ميروفينجيان بعد أن ملكت (448-752م) ثلاثة قرون، وسميت الدولة الثانية قارلوفينجيان نسبة إلى شارلمان بن بيبن القيصر وحفيد شارل مارتيل.
وملكت الدولة الثانية (752-987م) قرنين ونصف قرن تقريبا، وفي سنة 760م أو سنة 143ه أغار بيبن القيصر على بلاد المسلمين، واسترجع منهم نربون وجميع أيالة سبتمانيا فلم يستطيعوا الدفاع عنها؛ لاشتغالهم بما حدث عندهم من الانقلاب العظيم بسبب انقراض الدولة الأموية، وقيام الدولة العباسية مقامها، فقتلوا بني أمية واستخفى من سلم منهم، فهرب عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، ودخل الأندلس سنة 139ه أو 25 أيلول (سبتمبر) سنة 759م، فأطاعه بعض المسلمين فيها واستولى على إشبيلية وجعل قرطبة دار المملكة وأخضع لحكمه جميع جزيرة الأندلس، ونكل بالمتشيعين منهم للخلفاء العباسيين؛ فيفهم السبب الذي مكن الإفرنج من استرجاع نربون وقرقسون.
अज्ञात पृष्ठ