तारीख़ इल्म-ए-अदब
تاريخ علم الأدب: عند الإفرنج والعرب وفكتور هوكو
शैलियों
فشردتهم غربا ومزقتهم شرقا
فلما بلغت النجم عزا ورفعة
وصارت رقاب الخلق أجمع لي رقا
رماني الردى سهما فأخمد جمرتي
فها أنا ذا في حفرتي عاجلا ألقى
ولكن الرؤساء من الأعاجم فعلوا فعلا بلا قول لعجمة لسانهم، وأصبح تعاطي الشعر هجنة في الرئاسة، ومذمة لأهل المناصب الكبيرة، وقدموا الجهلاء على الشعراء ودعوهم بالظرفاء، وأهملت فنون الأدب وبلغ التفريط في جانب الفصاحة اللسانية إلى درجة كاد فيها الرؤساء لا يفوهون بكلمة في المجالس، ويعتبرون السكوت عين الأدب؛ وإذا اجتمعوا في حفلة اكتفوا بسماع الدعاء المأثور، وكثيرا ما يتلوه أجهل المجتمعين ويكون قد حفظ الدعاء من الصغر بالسماع.
شاهدت أحد الولاة انخدع بمن يتلو الدعاء المأثور؛ وظنه من العلماء لطول لحيته وكبر عمته فأراد تعيينه في منصب فقيل له أمي، فلم يصدق، ودعاه ليلة وطلب منه أن يقرأ عليه ما كتبته جريدة الجوائب إذ ذاك، فلما أمسك الجريدة بالعكس فهم الوالي وتلاهى عنه ولم يعينه.
ولقد دقق في هذا المبحث عبد الرحيم أفندي أحمد مبعوث مصر في مؤتمر المستشرقين الحادي عشر المنعقد في باريس سنة 1897، ووجد نسبة تامة بين الحرية، وبين ارتقاء لسان العرب، فكلما اتسع نطاق الحرية في الدولة اتسع معه نطاق الأدب في العربية، وزادت فصاحة هذا اللسان وبلاغته، وكلما زاد الاستبداد تقيدت عقول الأدباء بالسلاسل، وصاروا ينطقون بما يوافق الزمان والمشرب، لا بما يشعرون به ويعلمونه ويرونه.
قال مبعوث مصر المشار إليه: ولقد لاحظت في المتكلمين بلسان العرب أن الحرية إذا فقدت منهم كثر في كلامهم تكرار (اللازمة)، مثل نعم، فاهم، هكذا أحلم يا سيدي، الخلاصة، النتيجة ... وأمثال ذلك من الكلمات التي يرددها المتكلم، هذا في المخاطبات بين اثنين. وأما في الاجتماعات العمومية كالأفراح، والعزاء، واستقبال الولاة والقضاة، فإما أن ينقضي الاجتماع بالسكوت والهمس، أو بتلاوة الدعاء المأثور. وإن جعل للأدب حرمة فيتلى في ذاك الاجتماع قصيدة مدح أو تبريك أو عزاء، وينفض الجمع بغير أن يفوه الرئيس بما يقتضيه الحال والمقام، ويصور بكلامه حالة تلك الهيئة المجتمعة. •••
أما أهل الأندلس فلما وجدوا في جزيرتهم سماء صافية وأرضا طيبة، وهواء نقيا، وأشجارا مزهرة، وأنهارا جارية، وجبالا راسية، وسهولا واسعة اتسعت أفكارهم واستبحر عمرانهم، وراقت أشعارهم ورقت معانيهم وتهذبت فنون الشعر ومناحيه في قطرهم، وبلغ التنميق فيه الغاية وكثر فيهم الأدباء والشعراء، فوسعوا دائرة الأدب ونظموا الشعر في جميع الأعاريض المعروفة عند العرب، وأتوا بالمطولات في جميع مذاهب الشعر وأغراضه من نسيب، ومدح، ورثاء ، وهجاء. ثم لم يكتفوا بكل هذا بل وجدوا الزمان والمكان يقتضي لهما فنون جديدة من الشعر ينسج على منوال غير المنوال الذي وضعه عرب الجاهلية، ويقرض في عروض غير عروضهم، فغيروا أسلوب الشعر وعروضه كما فعل فيكتور هوكو، وأهل طبقته في تغيير عروض الشعر الفرنساوي. واستحدث المتأخرون من الأندلسيين الموشح، والزجل، والمربع، والمخمس، والمعصب على أربعة أجزاء، والمزدوج، والكاري، والملعبة والغزل، وعروض البلد، والأصمعيات، والحوراني، والمواليا، والدوبيت وهما لأهل الشرق وغير ذلك من التفنن الذي لا يدخل تحت حصر، فأول من وضع الموشح مقدم بن معافر الضريري من شعراء الأمير عبد الله بن محمد المرواني وأخذ ذلك عنه أبو عبد الله أحمد بن عبد ربه (246-348ه) صاحب كتاب العقد الفريد.
अज्ञात पृष्ठ