============================================================
ذكر إبراهيم عليه السلام القبط وروي آنها كانت من جرهم سبيت من بلدها فوقعت إلى ملك مصر والله أعلم، فواقعها إبراهيم فحملت بإسماعيل وبشره الله به وذلك قوله تعالى: رب هب لى ين فبشريه بغللو حليه [الصافات: الآيتان 100، 101] يعني إسماعيل فولدت هاجر إسماعيل فسر به إبراهيم، ولما رأت سارة ذلك حزنت على ما فاتها من الولد ورأت شغف إبراهيم باسماعيل فغارت غيرة شديدة وحلفت لأقطعن عضوا من أعضائها فهربت هاجر منها ولبست درغا لها وله ذيل طويل تجره لتخفي أترها كي لا تعلم بها سارة فهي أول من جر الذيل من النساء فقال إبراهيم لسارة هل لك إلى أن تعفي عنها وترضي بقضاء الله، فقالت: كيف أصنع بحلفي؟ قال: اخفضيها فيبرا قسمك، قالت: نعم فخفضتها فصارت سنة في النساء وعن النبي أنه قال: "الختان تكرمة للنساء وسنة للرجال" ثم إن الله تعالى بشرها باسحلق وفيه روايتان إحداهما أن البشارة بإسحلق قبل نقل إيراهيم إلى الحرم والرواية الأخرى أنها كانت بعد ذلك، والله أعلم، وأن الله بعث جبرائيل مع الملائكة ببشارة إبراهيم بإسحلق فذلك قوله تعالى: ولما جاءت رسلنا إبزهيه بالبشرى} [العنكبوت: الآية 31) وروي أن أول ذلك أن الله تعالى آمر إبراهيم بالضيافة فاتخذ بيتا للضيافة له بابان فكان لا يزال مائدته موضوعة فيه بأنواع الأطعمة وكان يعلق فيه كسوة الشتاء للشتاء وكسوة الصيف للصيف فإذا أتاه الضيفان دخلوا البيت وطعموا ما شاؤوا ولبس من شاء منهم من اللباس، وخرج من الباب الآخر وأن الله تعالى أوحى إليه أن يا إبراهيم أكرم ضيفك فكان يذيح لكل واحد متهم بعيرا، فأوحى الله تعالى إليه أكرم ضيفك يا إبراهيم، فقال: يا رت ليس عندي شيء أعظم من البعير فأذبحه لهم، فقال الله تعالى: ليس إكرام الضيف بكثرة الطعام، ولكن أن تخدمهم بنفسك فكان إيراهيم قبل ذلك لا يقوم لهم بنفسه، بل يأمر بذلك خدمه وكان بعد ذلك يخدمهم بنقسه ويقوم عليهم، ويقال إن إبراهيم كان يخرج من بيته ميلا أو ميلين يلتمس من يتغدى معه إذا لم يأته ضيف، ويروى أن الله تعالى أمر جيرائيل فقال: اذهب فزر عبدا لي من عبادي قد اتخذته خليلا فقال يا رب دلني عليه فأكون خادما له، قال: ذاك إبراهيم. فأتاه جبرائيل عليه السلام وقال: إن الله تعالى بعثي إلى عبد من عباده قد اتخذه خليلا، فقال إبراهيم: ومن هو يا جبرائيل دلني عليه لأخدمه، فقال: أنت هو يا إبراهيم، فبكى إبراهيم عليه السلام، وقال: متى بلغت هذه المنزلة، فقال جبرائيل: بلغتها حين أكرمت الضيف، ويروى أن إبراهيم سثل فقيل له بم اتخذك الله تعالى خليلا؟ فقال بثلاثة أشياء أحدها: أني لم أهتم قط برزق غد، والثاني أني لم اكل إلا مع الضيف، والثالث: لم يستقبلني أمران في أحدهما رضى الله تعالى، وفي الأخر رضى نفسي إلا اخترت رضاء الله تعالى على رضاء نفسي، وإنه لما
पृष्ठ 81