============================================================
ذكر ما كان من فساد بني اسرائيل وتسليط العدو عليهم فأخبروه ورأسهم دانيال كما ذكرناه عبرها ثم لما فرغ بخت نصر بقول دانيال قال له اختر ثلاث خصال إن شئت رددتك إلى بلادك وعمرت لك ما خربت منها وإن شئت آقمت عندي فأؤانسك وأكرمك وإن شئت كتبت لك ولأصحابك كتاب آمان من حيث كنت من مملكتي فقال دانيال: أما ردك إلى بلادي وعمارتك لها فإنها بلاذ كتب الله تعالى عليها الخراب إلى أجل معلوم، وأنت لا تقدر على ذلك الآن، وأما كتابك لي بالأمان فلست أحتاج مع أمان الله تعالى إلى أمان غيره وأما إقامتي عندك ومؤانستك لي فهذا أوفق لي ولأصحابي الآن قال: فجمع بخت نصر أهله وولده وحشمه وأكابر قومه فقال لهم: هذا رجل حكيم وقد فرج الله تعالى عني الكرب الذي كنت فيه من رؤياي وإني وليته أموري فخذوا منه ومن حكمته واقتدوا به وأتمروا بأمره وإن أتاكم رسولان أحدهما مني، والآخر منه فخذوا بقول رسوله دون رسولي فنزل دانيال منه آكرم منزلة وأدار عليه أمر مملكته فلما رأى ذلك عظماء أهل بابل حسدوه على ذلك وجاؤوا إلى بخت نصر فقالوا له: إنه لم يكن على وجه الأرض قوم أعز منا وأهيب في صدور الناس فلا يطمع فينا أحد وإنا نخبرك بأن الناس قد طمعوا فينا إذ قد داخل الأمور الخلل والضعف منذ وليت هذا العبد الاسرائيلي وإن ذلك لضعف دخل في عقلك ورأيك لعجزك عن سياسة ملكك فقال بخت نصر إله لم يدخل عقلي ضعف ولا عجز ولكن رأيت رجلا كريما حكيما فرج عني أمرا كنتم عجزتم عته وتحيرتم فيه، وإني أرى توليته صلاحكم وصلاح ملكي قالوا: آليس هذا الإسرائيلي يزعم أن له ربا عظيما يطلع على الأمور والغيوب، قال بخت نصر كذلك يزعم قالوا فمرنا نتخذ لك إللها أعظم من إللهه يخبرنا بالأشياء ويعيننا في الأمور قال بخت نصر: لقد آذنت لكم إن قدرتم على ذلك فخرجوا من عنده وجمعوا الصناع حتى اتخذوا صنما عظيما طوله سبعون ذراعا وعرضه عشرون ذراعا من ذهب وكللوه بالجواهر الثمينة ثم اتخدوا عيدا وذبحوا لصنمهم الذبائح وجمعوا الناس وأمروهم بالسجود وخدوا أخدودا وأوقدوا فيها النار فمن أبى عن السجود للصنم ألقوه في النار فجعل بنو إسرائيل الذين كانوا تحت أيديهم يأبون فيلقونهم في النار فهلك منهم خلق كثير، فقالوا لدانيال ومن معه من خاصته الذين كان اختصهم بخت نصر بسبب عهد دانيال الأكبر: اسجدوا لالكهنا فقالوا: إن هذا ليس بإلله إنما هو شيء عملته الناس بأيديهم لكن إللهنا خلقه وخلقكم وكان مرادهم آن يظهر خلافهم ويلقونهم في النار فألقوهم فيها فباتوا في النار حتى أصبحوا وأشرف عليهم بخت نصر من فوق قصره فرآهم في النار وكانوا ألقوهم فيها وهم ستة نفر ويقال كانوا آربعة نفر فرآهم خمسة نفر ورآى صاحبهم الزائد يروحهم وله ريش كريش الطائر فلما رأى بخت نصر ذلك امتلأ رعبا فناداهم وأمرهم بالخروج فخرجوا من الأخدود سالمين، فقال لهم: من الرجل الخامس أو السابع الذي رأيته معكم؟ قال
पृष्ठ 302