وفي جميع الأعمال يحب جلالته الوجهة الروسية، ويحلها على طريقة التقاليد الروسية التي يتمسك بها تمسكا شديدا، ويكره أن يكون بين الموظفين أشخاص من غير أصل روسي.
وفي بعض الأحيان يزور جلالته مئات من الزائرين، الذين يبلغ عددهم في العام الواحد عدة آلاف.
إن مقابلة جلالته لزائريه تضرب بها الأمثال في جميع أنحاء العالم، فإن الزائر إذا لبث بين يديه 10 أو 15 دقيقة يخرج مندهشا من بساطة المقابلة، والأسئلة التي يلقيها عليه، فيخبره ببعض أشياء عن حياته وأعماله، ويسأله عن أفراد عائلته، فيخرج وقلبه مفعم بالسرور والنشاط والارتياح، وهو يقول في نفسه إن الدعاء بطول بقاء القيصر أمر واجب لا بد منه.
إن جلالته لا يطيل زمن المقابلة أكثر من الوقت المحدد، كما أنه لا ينظر إلى ساعته في خلال الزيارة، ولكنه يعطي لكل واحد الوقت اللازم الذي ينتهي أيضا في الأجل المضروب، الأمر الذي يحير أفكار المقربين من جلالته.
يقيم جلالته كثيرا في القرية الملوكية «تسارسكويه سيلو»، ولكنه يقابل زائريه في القصر الشتوي في بطرسبرج للأسباب الآتية:
يقول جلالته: لا يصعب علي وحدي السفر من العاصمة، ولكن زائري العديدين يحتاج كل واحد منهم لإضاعة نصف يوم في سبيل هذه الزيارة. هكذا يفتكر الحاكم على نحو 160 مليونا من النفوس، ويهتم لكل صغيرة، ويبذل وسعه لتوفير أسباب سعادة رعاياه وراحتهم. أما رياضة جلالته فتكون على أنواع مختلفة، فإما أن يسير مشيا على الأقدام، أو يمتطي صهوة جواد مطهم. وفي بيترهوف يركب زورقا، ويجذف بنفسه تجذيفا محكما، وفي رياضته في الزورق يكون برفقة ولي عهده، فيجلسه على ركبتيه، ويكون برفقته أيضا الأميرات كريماته.
وعند الساعة السادسة مساء يجلس جلالته للعمل، ويلبث يعمل بجد إلى الساعة الثامنة تماما، حيث يهيأ طعام العشاء، وهذا الوقت يصرفه القيصر وحده، وهذا نادرا، ولكن في أغلب الأحيان مع بعض الوزراء ورؤساء الموظفين.
بعد مناولة طعام العشاء يصرف القيصر ساعة ونصف مع عائلته، ومثل هذا الوقت يصرفه بعد مناولة الشاي عند الساعة الخامسة؛ يصرف هذا الوقت في الحديث مع أسرته الكريمة، وعند الساعة التاسعة ونصف يعود القيصر إلى العمل، ولا ينام هذا العاهل العامل قبل الساعة الثانية عشرة أو الثانية عشرة ونصف، وكثيرا ما بعد هذا الوقت.
وأحيانا كثيرة لا ينام القيصر وسط النهار لأخذ شيء من الراحة، وطول النهار يحفظ النشاط والقوة والإرادة، ولم يسمع عنه أنه يشكو ملل التعب أو النصب. وإذا أنهى أعماله الليلية قبل الوقت المعين، فإنه يذهب إلى الإمبراطورة حيث يقرأ على مسمعها بعض الكتب أو الجرائد، ويعيد على مسامعها ما علق في نفسه من أحاديث الوقت الذي صرفوه عند مناولة شاي المساء، ثم تنتهي أعمال النهار القيصرية بالصلاة لله، كما تبتدئ كل يوم.
ومما تقدم يظهر أن القيصر القابض على زمام أحكام الإمبراطورية الروسية يعمل في النهار عشر أو اثنتي عشرة ساعة؛ منها أربع ساعات يعمل بها منفردا، ولا ينام أكثر من سبع ساعات، ومنها خمس أو ست ساعات يخصصها لتناول الطعام والإقامة بين أفراد عائلته.
अज्ञात पृष्ठ