الخلافتين الأموَّية والعباسية مع وصف الأسباب التي زادتها انتشارًا كفتح المدارس وإنشاء المكاتب ونوادي العلوم وتنشيط الملوك. ثم تّعرف أئمة الكتبة والذين اشتهروا في كل زمن وكل بلد واختصوا بكل صنف من العلوم. وتعرض تآليفهم على محكَ الانتقاد فتميز غثها من سمينها ولا تكتفي بذكر أسمائها وتعريفها إجمالًا. فكم هناك من المصنفات الموّهمة بأسماء جليلة وهي بمضامينها ومعانيها هزيلة. وتواصل دروسها حتى إذا بلغ القرون الأخيرة تذكر خمود تلك الآداب مبينة لعلها ومعاولاتها. ثمّ تختم ذلك بفصل مطوَّل عن النهضة الأدبية التي حدثت في القرن الأخير فتطرئ على محاسنهِ وتضرب على مشاينهِ.
فلا غرو أن كتابًا مثل هذه يتهافت عليهِ الأدباء ويتخذونهُ كدستور دروسهم وأساس أبحاثهم. وذلك ما حدا بنا أن نكتب في المشرق فصولًا في الآداب العربية في القرن الأخير رجاء أن تمهد الطريق لمن يتوخَّى ذلك التاريخ الذي يتوق إليهِ المستشرقون. فلمّا انسنا في جمهور القراء. إقبالًا على مطالعتها وطلبوا إلينا جمعها في كتاب مستقل تسهيلًا لمراجعتها لَبينا إلى ملتمسهم وطلبنا على حدة القسم الأول الذي يتناول تاريخ الآداب العربية من غرَّة القرن التاسع عشر إلى السنة ١٨٧٠ ثم أردفناه بقسمهَ الثاني إلى أواخر القرن التاسع عشر.
هذا ونحن نعلم حق العلم أنهُ فاتتنا أشياء كثيرة من أحوال الآداب التي أردنا وصفها والآداب الذين قصدنا تعريفهم وما كنا لنجتري. على مباشرة هذا العمل أولًا خوفنا بأن يتلف القليل ممّا جمعناه عن آداب القرن المنصرم فتأخذه أيدي الضياع. وأملنا الوطيد بان يتلافى غيرنا ما يجدوه في هذا المجموع من خلل بإبراز ما عندهم من الذخائر المصونة والكنوز المدفونة. ونشكر الذين لبوا دعوتنا وأتونا ببعض الفوائد لإصلاح ما وقع من الخلل في طبعتنا الأولى وتحسين هذه الطبعة الجديدة. وقد ختمنا هذا الجزء بفهارس المواد وإعلام الأدباء الشرقيين والمستشرقين الذين مرَّ ذكرهم في مطاوي الكتاب لتتم بها الفائدة وتزيد العائدة. إن شاءَ الله.
1 / 2