216

وفي مرحلته الجهادية الطويلة الشاقة تفرق الناس عنه، ومنعوه من دخول بلادهم خوفا من بطش العثمانيين وقسوتهم ففكر الإمام بالرحيل إلى البصرة، وعزم على الرحيل ولما وصل وادعة، لحقه أهل البلاد يستنجدون به فعاد معهم، ليواصل مسيرته الجهادية، وحقق الإمام انتصارات ساحقة على الدولة العثمانية، واستطاع أن يفتح شهارة سنة (1015 ه)، واضطرت الدولة العثمانية أن تعترف بالإمام القاسم، وتعقد معه هدنة وصلح، وتقبل شروط الإمام (ع)، وقبل الإمام الصلح لما رأى فيه مصلحة كبرى للمواطنين فسوف يأمنون من بطش وقسوة العثمانيين، وستنتهي العمليات العسكرية من قبل الدولة العثمانية، وسيتمكن الإمام من الإصلاح والبناء في العشر سنوات التي تضمنها الصلح، وسيتم تسليم جميع الأسرى، وبدأت بوادر الاستفادة من هذا الصلح، فقد استقر الإمام القاسم 0ع) في شهارة، واستقامت الأمور، وهدأت الأوضاع وأطلق الوالي جعفر أولاد الإمام القاسم (محمد وأحمد) وجميع أهلهما وأصحابهما، كما أطلق من في سجن صنعاء والحيمة.

وفي سنة (1021 ه) عزل جعفر باشا، وأرسل إبراهيم باشا واليا على اليمن ولكنه مات في ذمار سنة (1022 ه)، فعاد جعفر باشا إلى صنعاء وبدأت مرحلة أخرى من مراحل الجهاد والتضحية، وفي هذه المرة توالت الهزائم على الإمام ووقعت بينهم معارك عنيفة قرب عمران وفي أحدها أسر ابنه الحسن (1)، وبلغ الإمام القاسم الخبر فقال: «أنا قد أودعت ولدي الله سبحانه وتعالى، وهو لن يخيب لديه الودائع وإني أترك ولدي وديعة لله سبحانه وتعالى حتى يفرج الله عليه».

واضطر أن يذهب إلى صعدة واستمر العثمانيون في مطاردته، ووقعت بينهم معارك كثيرة وفي إحدى المعارك قتل ابنه علي، ولكن الإمام استمر في الجهاد وعاد يحقق انتصارات رائعة على الدولة العثمانية.

पृष्ठ 217