كان (ع ) شجاعا سياسيا مدبرا قد مرسته تلك الحروب الطويلة، وكان عند وفاة والده (ع) في الحجاز، فلما قدم وتمت له البيعة، أعلن المشي بسيرة والده (ع)، وتجهز للجهاد في سبيل الله بعدما توافد عليه الناس يشكون إليه خطر وعبث وفساد القرامطة فيهم، وكان قد عظم أمرهم، فجاهدهم عليه السلام جهادا طويلا وشتتهم وأزال خطرهم ومن أشهر معاركه معهم معركة نغاش شمال عمران، إذ اجتمع القرامطة مع قائدهم عبدالحميد بن محمد بن الحجاج المسوري وجمعوا جيشا كثيفا يزيد على سبعة آلاف مقاتل فسار إليهم الإمام الناصر في ألف وسبعمائة مقاتل ومعه قائده أبو جعفر أحمد بن محمد الضحاك الحاشدي وإبراهيم بن المحسن العلوي، فانتصر عليهم وفرقهم وبلغ قتلى القرامطة أكثر من خمسة آلاف قتيل، وبعدها دانت له اليمن ووحدها ودخلت تحت عدله ورعايته بعدما دخل عدن في ثمانين ألف رجل..
وفي سنة (310 ه) توفي المرتضى (ع) بصعدة ودفن جوار أبيه (ع)، وبقي الإمام الناصر (ع) خمسة عشر عاما بعد وفاة أخيه ينشر العدل والعلم والمعرفة بين الناس داعيا ومجاهدا في سبيل الله حتى انتقل إلى رحمة الله سنة (325 ه)، ودفن بجوار أخيه وأبيه (ع).
وبعد موته انقسمت اليمن إلى دويلات متعددة، وقبائل متفرقة كدولة آل زياد، ودولة آل يعفر، وآل الضحاك، وأبي الفتوح وغيرهم، وظلت أجزاء كثيرة من اليمن تخضع للأقوى منهم فتارة لآل يعفر، وتارة لغيرهم وهكذا.
وقد بذل أئمة أهل البيت (ع) بعد موته جهودا مضنية في محاربة الباطنية، وأصحاب الأفكار الهدامة الزائفة ومنهم:
الإمام المنصور بالله يحيى بن الناصر، وتوفي سنة (366 ه)، وقبره في صعدة، وكذلك المختار «القاسم بن الناصر»، وكانت له حروب كثيرة أسره الضحاك، ثم قتله في ريدة سنة (345 ه)، واستخرجه ابن أخيه الداعي يوسف بن يحيى من قبره بعد خمس وعشرين سنة فوجده كهيئته يوم مات ولم يفقد منه إلا روحه ونقله إلى صعدة.
पृष्ठ 191